وسؤال أيضا من الأخ ساعد ج… من الجزائر عما يباح للصائم في سفره، وهل يدخل في ذلك الجماع؟

ما يباح للصائم في سفره

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسوله محمد، وعلى آله وأصحابه، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد:

فالسفر في نهار رمضان يبيح الفطر؛ والأصل في ذلك الكتاب والسنة.

فأما الكتاب: فقول الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُون} [البقرة: 183]، {أَيَّامًا مَّعْدُودَاتٍ فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} [البقرة: 184]. وقوله عز من قائل: {فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَن كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} [البقرة: 185].

وأما السنة: فما رواه جابر -رضي الله عنه- أن رسول الله ﷺ مر برجل تحت شجرة يرش عليه الماء فقال: (ما بال هذا؟) قالوا: صائم يا رسول الله، فقال: (ليس من البر الصيام في السفر)([1]). وما رواه أيضا جابر -رضي الله عنه- أن رسول الله ﷺ خرج عام الفتح إلى مكة في رمضان فصام حتى بلغ كراع الغميم فصام الناس، ثم دعا بقدح من ماء فرفعه حتى نظر الناس إليه ثم شرب، فقيل له بعد ذلك: إن بعض الناس قد صام، فقال: (أولئك العصاة أولئك العصاة)([2]).

وخلافا لأهل الظاهر([3]) الذين يرون أن فطر المسافر واجب عليه، فإن الفطر رخصة، والله يحب أن تؤتى رخصه كما يكره أن تؤتى معصيته([4]). فإذا أفطر المسافر كما أباح الله فقد حل له الأكل والشرب والجماع وسائر أنواع الطيبات؛ لأن الرخصة في الفطر جاءت مطلقة وغير مقيدة، بل إنه لو صام في سفره ثم جامع فسد صومه فقط ولم تلزمه كفارة.

وخلاصة المسألة: أن السفر في نهار رمضان مبيح للفطر، وهذه الإباحة رخصة من الله عز وجل لعباده، فإذا أفطر المسافر فقد حل له الأكل والشرب والجماع وسائر أنواع الطيبات؛ لأن الرخصة جاءت مطلقة وغير مقيدة، بل إن المسافر لو صام في سفره ثم جامع فسد صومه فقط، ولم تلزمه كفارة، وعليه قضاء صيام ذلك اليوم.

والله -تعالى- أعلم

 

([1]) أخرجه البخاري في كتاب الصوم، باب قول النبي ﷺ لمن ظُلل عليه واشتد الحر: (ليس من البر الصوم في السفر)، برقم (1946)، فتح الباري ج4 ص216.

([2]) أخرجه مسلم في كتاب الصيام، باب جواز الصوم والفطر في شهر رمضان للمسافر في غير معصية إذا كان سفره مرحلتين فأكثر، وأن الأفضل لمن أطاقه بلا ضرر أن يقوم، ولمن يشق عليه أن يفطر، برقم (90)، صحيح مسلم مع شرحي الأبي والسنوسي ج4 ص60.

([3]) انظر: المحلى بالآثار للإمام ابن حزم ج4 ص384.

([4])هذا حديث أخرجه الإمام أحمد في المسند ج2 ص108، صححه الألباني في إرواء الغليل، (٥٦٤).