والسؤال الآخر عن شاب يسأل عن غسل الجنابة، وهو ينظر باستمرار إلى البنات، وكل يوم يغتسل حتى مرض من رأسه، ولديه سعال، وبه حرارة، يسأل كيف يصلي وهو عليه جنابة، وهو لا يستطيع أن يزيل الجنابة من جسمه، مع العلم أنه يغتسل يوميًّا حتى مرض، ماذا يفعل ليصلي؟ مع العلم أنه لم يصلّ لمدة يومين. أفدنا أيها الشيخ، وجزاك الله خيرًا.

حكم إدمان النظر إلى الفتيات

الحمدلله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا ورسولنا محمد، وعلى آله وأصحابه، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين ، وأما بعد:

فالمفهوم من السؤال أن شابًّا يدمن النظر ( يتفرج) على الفتيات؛ مما يثير غريزته الجنسية فيغتسل كل يوم،  وعنده مرض في رأسه، ومصاب بالسعال، ويسأل عما يفعل وكيف يصلي.

  والجواب أن هذا الشاب يخطئ في سلوكه  في النظر إلى ما أمره الله أن يغض بصره فيه عنه من غض بصره، فهذا البصر نعمة كبرى من نعم الله على عبده،  وهذه النعمة يجب أن تكون فيما أحل الله له، فإذا استعمل هذه النعمة  فيما حرم الله  عنه فقد جحدها وكفر بها، فقد أمر الله المؤمنين أن يغضوا أبصارهم إلا على محارمهم، والأصل فيه قوله -عز وجل- لنبيه ورسوله -صلى  الله عليه وسلم-: (قل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ۚ ذَٰلِكَ أَزْكَىٰ لَهُمْ ۗ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ)(النور:30). فبين -عز وجل- لعباده في الآية أن عليهم واجبًا في غض أبصارهم، إلا على محارمهم، وأن يحفظوا فروجهم، فربط -عز ذكره-  بين غض البصر وحفظ الفرج؛ لأن عدم  غضه  قد يؤدي إلى ما هو أعظم  في التحريم، فقد يكون وسيلة إلى الزنى، ثم قال: (ذَٰلِكَ أَزْكَىٰ لَهُمْ)(النور:30). أي أن في غض البصر الخير والعفاف لهم .

 هذا في كتاب الله، أما في السنة، فقد سئل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن نظر الفجأة، فقال : يا عليُّ، لا تُتبعِ النَّظرةَ النَّظرَةَ، فإنَّ لَكَ الأولى ، ولَيسَتْ لَكَ الآخرَةُ)([1]). وفي حديث جرير بن عبد الله  -رضي الله عنه- قال : سَأَلْتُ رَسولَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ- عن نَظَرِ الفُجَاءَةِ فأمَرَنِي أَنْ أَصْرِفَ بَصَرِي. ([2]).

 هذا في عموم المسألة، أما عن سؤال الأخ فهذا الشاب يخطئ في حق نفسه، فلا يجوز له النظر إلى النساء، لأن هذا مما نهى الله عنه نهي تحريم، لا يحل للعبد أن ينظر إلى محارم غيره، وما أصاب هذا الشاب من استثارة غريزته الجنسية يرجع إليه في سببه، فعليه أن يستعيذ بالله من الشيطان، ويبتعد عن النظر إلى محارم غيره، فيسلم في دينه وفي صحته، ويصلي وهو متطهر، وعليه أن يتقي الله في نفسه ويتوب عن هذا السلوك؛ حتى يتوب الله عليه .

                            والله -تعالى- أعلم .

 

[1] – أخرجه أبوداود برقم : (2149).

[2] – أخرجه مسلم برقم :(2159).