سائلة من أوروبا تسأل وتقول: زوجي لَمَّا تقدم لخطبتي كذب عليَّ، وقال: إنه يعمل في مصنع للبلاستيك، وعندما تزوجنا، وانتقلت عنده؛ اكتشفت أنه يعمل في محلٍّ للقمار، ويستقبل الزبائن، ويخدمهم، ويقدم لهم الخمور، هل ما نأكله ونشربه ونلبسه حرام؟.

المطعم والمشرب والملبس من القمار:

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا ورسولنا محمد، وعلى آله وأصحابه، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد:

فالجواب: أن الله حرَّم الميسر، وعَدَّ ذلك رجسًا من عمل الشيطان، فقال-جل في علاه-: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾ (المائدة: 90)، فالكسب من القمار محرم، والمعنى: أن المطعم والمشرب والملبس من القمار من السحت الذي حرَّمه الله، وفيه قال رسول الله-صلى الله عليه وسلم-فيما رواه كعب بن عجرة-رضي الله عنه-: «إنَّه لا يدخُلُ الجنَّةَ لحمٌ ودَمٌ نَبَتَا على سُحتٍ، النَّارُ أَوْلى به»([1])، وما رواه أبو هريرة -رضي الله عنه-أن رسول الله-صلى الله عليه وسلم-قال: «أَيُّها النَّاسُ! إنَّ اللَّهَ طَيِّبٌ، لا يَقْبَلُ إلَّا طَيِّبًا، وإنَّ اللَّهَ أمَرَ المُؤْمِنِينَ بما أمَرَ به المُرْسَلِينَ، فقالَ: ﴿يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ﴾ [المؤمنون: 51]، وقالَ: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ﴾ [البقرة: 172]، ثُمَّ ذَكَرَ الرَّجُلَ يُطِيلُ السَّفَرَ أشْعَثَ أغْبَرَ، يَمُدُّ يَدَيْهِ إلى السَّماءِ، يا رَبِّ، يا رَبِّ، ومَطْعَمُهُ حَرامٌ، ومَشْرَبُهُ حَرامٌ، ومَلْبَسُهُ حَرامٌ، وغُذِيَ بالحَرامِ، فأنَّى يُسْتَجابُ لذلكَ؟»([2])، والمعنى: أنه لا يستجاب لمن مطعمه ومشربه وملبسه حرام.

فالحاصل: أن العمل في محل القمار حرامٌ، وأن مطعمه ومشربه وملبسه حرام-أيضا-. والله-تعالى-أعلم.

[1] صحيح ابن حبان (5567)، قال الألباني في صحيح الترغيب: (١٧٢٩): صحيح لغيره .

[2] أخرجه مسلم (1015).