سائلة تسأل وتقول: هل يجوز شراء الملابس والأحذية لتلاميذ دار للأيتام من مال الزكاة؟.

صرف الزكاة عينا لتلاميذ دار الأيتام:

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا ورسولنا محمد، وعلى آله وأصحابه، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد:

فالجواب: ففي هذا خلاف بين الفقهاء-رحمهم الله-، فمنهم من يقول بجواز ذلك، هذا قولُ الحنفيةِ، وقولٌ للحنابلة، وهو الجديد من قولي الشافعي، وهو ظاهر قول المالكية([1])، ومنهم من يقول: لا يجوز صرف الزكاة لمستحقيها إلا نقدا، وهو مذهب الجمهور؛ فهو مذهب الأئمة الثلاثة: مالكٍ، والشافعيِّ، وأحمدَ، كما هو مذهب ابن حزم الظاهري([2]).

والأظهر-والله أعلم-أن صرف الزكاة نقدا أو عينا يخضع لواقع المستحق للزكاة، ففي السؤال يجوز صرف الزكاة عينا، وهي الملابس والأحذية وغيرها، ففي تلقي الملابس والأحذية نفع للأطفال الأيتام، فيكون من الواجب صرف استحقاقهم عينا، وإذا كانوا يريدونها نقدا؛ ليشتروا بها ما يريدونه فيجب صرف استحقاقهم نقدا، قال شيخ الإسلام ابن تيمية-رحمه الله-: “وأما إخراج القيمة للحاجة، أو المصلحة، أو العدل فلا بأس به، مثل أن يبيع ثمر بستانه أو زرعه بدراهم، فهنا إخراج عشر الدراهم يجزئه، ولا يُكَلَّفُ أن يشتري ثمرا أو حنطة إذا كان قد ساوى الفقراء بنفسه، وقد نص أحمد على جواز ذلك…، ومثل أن يكون المستحقون للزكاة طلبوا منه إعطاء القيمة؛ لكونها أنفع فيعطيهم إياها”([3]).

وقال سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز-رحمه الله-: “ويجوز-أيضا-أن يخرج عن النقود عروضا من الأقمشة والأطعمة وغيرها، إذا رأى المصلحة لأهل الزكاة في ذلك، مع اعتبار القيمة، مثل: أن يكون الفقير مجنونا، أو ضعيف العقل، أو سفيها، أو قاصرا، فيُخْشَى أن يتلاعب بالنقود، وتكون المصلحة له في إعطائه طعاما أو لباسا ينتفع به من زكاة النقود بقدر القيمة الواجبة، وهذا كله في أصح أقوال أهل العلم”([4]). والله-تعالى-أعلم.

[1] ينظر: بدائع الصنائع 2 /21، وبداية المجتهد 1 / 337، والحاوي الكبير 15/301، والمجموع 6/27، والإفصاح 1/332، والمغني 2/335، والشرح الكبير مع المغني 4/9، ومجموع الفتاوى 25/82-83.

[2] ينظر: المجموع 6/111، وبداية المجتهد 1/350، والإفصاح لابن هبيرة 1/350، والمغني 4/43، ومجموع الفتاوى 25/82، والمحلى 6/80.

[3] “مجموع الفتاوى” ( 25/82 ).

[4] “مجموع فتاوى ومقالات الشيخ ابن باز” (14/253).