سؤال منa.j””من فرنسا يقول: حكم من اتفق مع شركة للمقاولات لتنفيذ مشاريع للصيانة والنظافة والسلامة فتبين أن جزءا من تلك الأعمال تنفذ في الملاهي الليلية وأغلب أعمال شركات الصيانة لا تخلو من هذه الأمور في الدول الأوروبية فهل يجوز الاستمرار في هذا العقد؟

الأعمال المختلطة بين الحلال والحرام

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا ورسولنا محمد، أما بعد:

فإن كثيرا من الأعمال أيا كان مسماها يختلط فيها الأمر، فقد تكون صفتها صفة الحلال البين، وقد تكون على العكس من ذلك أي تكون صفتها صفة الحرمة، و قد يشتبه الأمر فيها بين هذا أو ذاك، وقد يختلط على الإنسان التمييز بين هاتين الصفتين، وهو ما يسمى بالمشتبه فيه، فيكون من بينها ما لا يريده وهذا يقتضي بالضرورة أن يكون الإنسان حذرا وهو يتعامل مع هذه الأعمال، وقد بين ذلك رسول الله -عليه الصلاة والسلام- بقوله فيما رواه النعمان بن بشير رضي الله عنه: ” إنَّ الحلالَ بيِّنٌ وإنَّ الحرامَ بيِّنٌ وبينهما أمورٌ مُشتبِهاتٌ لا يعلمهنَّ كثيرٌ من الناس فمنِ اتَّقى الشُّبُهاتِ استبرأ لدِينِه وعِرضِه، ومن وقع في الشُّبهاتِ وقع في الحرامِ، كالراعي يرعى حول الحِمى يوشكُ أن يرتعَ فيه..”([1]).

واتقاء الشبهات لا يكون بترك العمل، فالعمل من غايات الإنسان بل من ضروراته، وإنما المراد معرفة طبيعة هذا العمل قبل البدء فيه، فالطبيب مثلا يجب عليه أن يعرف طبيعة العملية الجراحية التي سيقوم بها وأخطارها، فإن لم يفعل أضر بالذي يعالجه، والمقاول كذلك يجب عليه أن يعرف طبيعة المقاولة قبل أن يبدأ في تنفيذها، وإلا أضر بالمتعاقد معه، وأضر كذلك بنفسه، وهكذا في سائر الأعمال.

هذا في عموم المسألة، أما عن سؤال الأخ فإذا كان جزء من المقاولة جزء صغير التي تقاول من أجلها مشوبا بالحرمة بينما بقية الأجزاء الأخرى غير مشوبة بها، فقد لا يكون في ذلك حرج -إن شاء الله- خاصة إذا كان المقاول غير متعمد، أما إذا كانت المقاولة كلها أو الأجزاء الكبرى منها مشوبة بالحرمة فلا يجوز العمل فيها.

والله تعالى أعلم.

[1] أخرجه البخاري (52)، ومسلم (1599) واللفظ له.