سؤال من و. م. من الجزائر، يقول فيه: شيخنا الكريم، هل كفارة واحدة تكفي مَنْ حَلَفَ أكثر من حلف؟.

كفارة الأيمان المتعددة

   الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسوله الأمين محمد، وعلى آله وأصحابه، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد:

فالأصل ألا يحلف العبد إلا وهو صادق في يمينه؛ لقول الله – تعالى-: ﴿لَّا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَٰكِن يُؤَاخِذُكُم بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ﴾ (البقرة: 225)، وقوله-عز ذكره-: ﴿لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَٰكِن يُؤَاخِذُكُم بِمَا عَقَّدتُّمُ الْأَيْمَانَ﴾ (المائدة:89)، فمن حلف وهو كاذب في حلفه كانت يمينه غَمُوسًا، أي: كبيرةً، تغمس صاحبها في العذاب، وتجب عليه التوبة منها، ورد الحقوق إلى أهلها، ذلكم هو المنجِّي منها ومن عذابها، والواجب على العبد عدم التساهل في الحلف، ولو كان سيكفِّرُ عنه؛ لقول الله-تعالى-: ﴿وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ﴾ (المائدة: 89)، وقوله -تقدس اسمه-: ﴿وَلَا تَتَّخِذُوا أَيْمَانَكُمْ دَخَلًا بَيْنَكُمْ فَتَزِلَّ قَدَمٌ بَعْدَ ثُبُوتِهَا وَتَذُوقُوا السُّوءَ بِمَا صَدَدتُّمْ عَن سَبِيلِ اللَّهِ ۖ وَلَكُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ﴾ (النحل:94).

هذا في عموم المسألة، أما عن سؤال الأخ فلا تجب في الأيمان المتعددة على شيء واحد إلا كفارة واحدة، فلو حلف مثلًا ألا يزور فلانًا، وكرر هذا الحلف مرات، لم يلزمه إلا كفارة واحدة، أو حلف ألا يسافر إلى البلد الفلاني، وكرر هذا الحلف لم يلزمه إلا كفارة واحدة، أما إذا تعدد الفعل فيلزم لكل فعل كفارة، فلو قال: والله لن أسافر إلى هذا البلد، والله لن أشتري من بضاعته شيئًا، لزمه كفارتان.

فالحاصل: أنه إذا كان الحلف على شيء واحد لم تجب إلا كفارة واحدة، ولو كان هذا الحلف متعددًا، أما إذا كان الحلف على أشياء متعددة فيلزم لكل حلف كفارة . والله-تعالى-أعلم.