سؤال من مكتبة المحمود في غانا عما إذا كان يجوز دفع الزكاة للوالدين.

حكم دفع الزكاة للوالدين

الأصل أن نفقة الوالدين تجب على ولدهما، والحكم في ذلك قول الله تعالى: {وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا} [الإسراء: 23]. وأول درجات الإحسان إنفاق ولدهما عليهما إذا كانا محتاجين؛ لأن مناط هذه النفقة حفظ نفسيهما وإغناؤهما عن الحاجة، فإن ترك الولد هذا الإنفاق أصبح عاقًا لهما يستوجب فعله الجزاء.

وهذا الجزاء على نوعين: ديانة وقضاء، فالديانة: ما رواه عبد الرحمن بن أبي بكرة عن أبيه -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله ﷺ: (ألا أنبئكم بأكبر الكبائر؟) قلنا: بلى يا رسول الله، قال: (الإشراك بالله وعقوق الوالدين. . ) الحديث([1]). وما رواه أيضًا المغيرة بن شعبة أن رسول الله ﷺ قال: (إن الله حرم عليكم عقوق الأمهات. . ) الحديث([2]). وأما القضاء فإن للحاكم إجبار الولد على الإنفاق على والديه إذا كانا أو أحدهما محتاجًا وهو يستطيع النفقة عليه، ولا يُسقط هذا الحق ساقط إلا العجز كما ذكر([3]).

وهذا يقتضي أن دفع الزكاة من الولد لوالديه لا تسقط حقهما عليه؛ لأن هذا الحق مترتب بحكم شرعي، فلم يجز له أن يسقطه. قال ابن المنذر: «أجمع أهل العلم على أن الزكاة لا يجوز دفعها إلى الوالدين في الحال التي يجبر الدافع إليهم على النفقة عليهم»([4]). ولأن دفع زكاته إليهم -كما يقول الإمام ابن قدامة- تغنيهم عن نفقته وتسقطها عنه ويعود نفعها إليه، فكأنه دفعها إلى نفسه فلم تجز كما لو قضى بها دينه([5]).

([1]) أخرجه البخاري في كتاب الأدب، باب عقوق الوالدين من الكبائر، فتح الباري، ج10 ص419، برقم (5976).

([2]) أخرجه البخاري في كتاب الأدب، باب عقوق الوالدين من الكبائر، فتح الباري، ج10 ص419، برقم (5975).

([3]) المغني لابن قدامة، ج11 ص372-374.

([4]) الإجماع لابن المنذر ص57، تحقيق أبي حماد صغير حنيف.

([5]) المغني مع الشرح الكبير، ج2 ص511.