سؤال من (مجموعة الفقه الإسلامي المعاصر ) يقول سائله: ما حكم تربية الحمام؟، وهل تقبل شهادة من يعمل في تربية الحمام؟.

شهادة من يقوم بتربية الحمام

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحابته، ومن اقتفى أثرهم إلى يوم الدين، أما بعد:

فقد ورد في قول بعض الفقهاء -رحمهم الله- عدم قبول شهادة من يربي الحمام([1])، ولعل ذلك يرجع لسببين:

أولهما: أن من يقوم بهذه التربية يلهو بها، وأن كل لهو يضل عن السبيل السوي يؤثر في شهادته ويسقطها.

والسبب الثاني: أن كل مخالفة للمألوف تؤثر في شهادة صاحبها، ومثل ذلك: أن يأكل في الأسواق، أو يمشي فيها وهو حاسر لرأسه، ومثل ذلك: استنكار البعض شرب القهوة، فكل هذه الأشياء المنكرة نتيجة ما تعارفه الناس أو استنكروه في زمان ما.

وقد تغيرت مفاهيم الناس في هذا الزمان عن سابقه، فأصبحت تربية الحمام نوعًا من التجارة، كما هو الحال في تربية الدجاج، حيث أصبح طعامًا مشهورًا عند الناس، فتغير هذه المفاهيم يجعل شهادة المربي للحمام -ومن في حكمه- مقبولة كأي شهادة لرجل عدل.

أما إذا كان من يربي الحمام يبتغي منه مجرد اللعب واللهو فالأصل أن كل لهو أو لعب يضل عن الطريق السوي لا يجوز، وفي هذا قال ربنا -جل في علاه-: ﴿وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَن سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَهَا هُزُوًا ۚ أُولَٰئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُّهِينٌ﴾ (لقمان:6).

فالحاصل -جوابًا للسؤال- قبول شهادة مربي الحمام إذا لم تكن هذه التربية للّهو.

والله -تعالى- أعلم.

[1] -قال الكاساني: “والذي يلعب بالحمام، فإن كان لا يطيرها لا تسقط عدالته، وإن كان يطيرها تسقط عدالته؛ لأنه يطلع على عورات النساء، ويشغله ذلك عن الصلاة والطاعات”. انتهى .” بدائع الصنائع ” ( 6 / 269).

وقال ابن قدامة: “اللاعب بالحمام يطيرها لا شهادة له ، وهذا قول أصحاب الرأي [الحنفية] ، وكان شريح لا يجيز شهادة صاحب حمَام؛ وذلك لأنه سفه ودناءة وقلة مروءة ، ويتضمن أذى الجيران بطيره ، وإشرافه على دورهم ، ورميه إياها بالحجارة، وقد رأى النبي -صلى الله عليه وسلم- رجلًا يتبع حمامًا، فقال: «شيطان يتبع شيطانة»، رواه أبو داود ( 4940 )، وهو في “صحيح الجامع ” ( 3724 ).

وإن اتخذ الحمام لطلب فراخها، أو لحمل الكتب ، أو للأنس بها من غير أذى يتعدى إلى الناس لم ترد شهادته. انتهى”. المغني (10 / 172 ، 173 ) .