الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا ورسولنا محمد، أما بعد، ،
فظاهر السؤال عمن يحج من نفقة عمله في البنك.
والجواب: أن المسلم يعرف من دينه بالضرورة تحريم الربا، و أن الأصل في هذا التحريم قول الله عز وجل: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ (278) فَإِن لَّمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِّنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ} [البقرة: 278-279]، وقوله تقدس اسمه: {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا} [البقرة: 275]، فحكم الربا واضح في تحريمه وقد عمت البلوى في العمل في البنوك وهو ما يقول العاملون فيها أن لا حيلة لهم في ذلك حين لا يجد العبد إلا العمل في هذا البنك لحفظ نفسه وعياله، فهو مضطر إلى هذا العمل، هكذا يقول العامل في البنك.
والأصل: أن تكون نفقة الحج من مال ليس فيه شبهة من ربا، كما يقول الشاعر:
إذا حججت بما أصله سحت فما حججت ولكن حجت العير
لا يقبل الله إلا صالحة وما كل من حج بيت الله مبرور
ومع ذلك فإن الضرورات تبيح المحظورات، ولها أحكامها ومقاصدها ومن يريد الحج يريد ابتغاء رضوان الله، والقيام بركن من أركان الإسلام، قال الله عز وجل: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحِلُّوا شَعَائِرَ اللَّهِ وَلَا الشَّهْرَ الْحَرَامَ وَلَا الْهَدْيَ وَلَا الْقَلَائِدَ وَلَا آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِّن رَّبِّهِمْ وَرِضْوَانًا ۚ} [المائدة: 2].
فإذا كان المشار إليه في السؤال يجد مالا لنفقته للحج غير المال الذي فيه شبهة الربا فهو الأوجب، أما إن كان لا يجد إلا النفقة من عمله في البنك، فلعله يكون من الآمين لبيت الحرام، يبتغون فضلا من الله ورضوانه حين يلبون ويكبرون.
والله تعالى أعلم