سؤال من الأخ “s .y” من مصر يقول فيه: هل يجوز الاستعانة بالجن في علاج مرضى المس؟.

حكم الاستعانة بالجن في علاج المس

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا ورسولنا محمد، أما بعد،،

فالمسلم يعلم من دينه بالضرورة أن العبادة في كلياتها وجزئياتها وظاهرها وباطنها لله وحده، لا يشاركه أحدٌ فيها من نبي أو رسول أو ملك مقرب أو نبي مرسل، فمن تجاوز هذا الأصل فقد ضل ضلالا مبينا، ويدخل في هذا الجنُّ والإنسُ، فهم فيه سواءٌ، ولأن الشيطان تعهد أمام ربه بأنه سيعمل على إضلال المسلم وإغوائه، وقد أوقع في نفس الإنسان وسواسا يعايشه في سلوكه ومختلف حياته .

ومن هذه الوساوس: أن من الجن عبادًا صالحين مثل المسلمين الصالحين، وأن هؤلاء يحبون علاج إخوانهم من الإنس، وينشرون حول هؤلاء هالة من الكذب والضلال، وكان العرب في الجاهلية يستعينون بهم، ويستغيثون، وقد بَيَّنَ اللهُ ذلك عنهم بقوله : ﴿وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِّنَ الْإِنسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِّنَ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقًا﴾ (الجن:6).

والمعنى: أن الإنس كانوا يعوذون بالجن عندما ينزلون مكانا، أو يسيرون في الصحاري أو الأودية، يستعيذون بهم، فلما رأى الجنُّ ما عليه الإنس من الخوف منهم زادهم ذلك رهقا، أي: خوفا .

وفي كل الأحوال فإن الاستعانة أو الاستعاذة أو الاستغاثة بالجن أو الإنس يعد شركا، وقد عظم الله-عز وجل-أمر الشرك، وتعهد بألا يغفر لفاعله  في قوله-جل في علاه-: ﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَٰلِكَ لِمَن يَشَاءُ ۚ وَمَن يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَىٰ إِثْمًا عَظِيمًا﴾ (النساء: 48).

هذا في عموم المسألة، أما عن السؤال فلا يجوز مطلقا الاستعانة بالجن في علاج المس، فهذا مما حرمه الله، ومَن استعان أو استعاذ أو استغاث بغير الله فقد أشرك، وفي هذا قال رسول الله-صلى الله عليه وسلم-فيما رواه ابن مسعود-رضي الله عنه: «مَن مَاتَ وهْوَ يَدْعُو مِن دُونِ اللَّهِ نِدًّا دَخَلَ النَّارَ، وقُلتُ أنَا: مَن مَاتَ وهْوَ لا يَدْعُو لِلَّهِ نِدًّا دَخَلَ الجَنَّةَ»([1]). والله -تعالى- أعلم.

[1]– أخرجه البخاري برقم (4497)، ومسلم برقم (92).