سؤال من الأخ “s.e ” من فرنسا يقول: لنا جار غير مسلم يعاملني معاملة سيئة ويبحث عن المشاكل فهل أعامله برد إساءته أم أسامحه؟

التعامل مع جار السوء الغير المسلم

الحمدلله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا ورسولنا محمد وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين ،

أما بعد:

فالواضح من السؤال أن للأخ السائل جار  غير مسلم ويؤذيه  ويسأل عما إذا كان يجوز له أن يفعل بمثل فعله ؟

والجواب : أن الأذى ضرر فمن يؤذي غيره يستحق لهذا دفع ضرر ه والأصل في هذا قول الله  عز وجل : (وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُم بِهِ ۖ وَلَئِن صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِّلصَّابِرِينَ)(النحل:126). فدلت الآية  على حكمين :

الأول : جواز مقابلة المؤذي دفعا لأذاه  فهذه المجازات  حق مشروع  وفي هذا قال عز وجل : (مَن جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا ۖ وَمَن جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلَا يُجْزَىٰ إِلَّا مِثْلَهَا وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ)(الأنعام:160).

الحكم الثاني : فضل الصبر فقد سماه  الله عز وجل  (خيرا للصابرين ) وعاقبة الصبر حسنة لكونه يدفع تزايد الشر فلا يندم الصابر على صبره والأصل في حسن معاملة الجار مسلما كان أم غير مسلم ما رواه عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه قال: كنتُ عندَ عبدِ اللَّهِ بنِ عُمرَ وغلام لهُ يسلُخُ شاةً فقالَ : يا غلامُ إذا سلختَ فابدَأ بجارِنا اليَهوديِّ حتَّى قالَ ذلِكَ مرارًا فقالَ لهُ : كَم تقولُ هذا ؟ فقالَ : إنَّ رسولَ اللَّهِ لم يزَل يوصينا بالجارِ حتَّى خَشينا أنَّهُ سَيورِّثُهُ ([1]).

هذا في عموم المسألة : أما عن السؤال فلا حرج في معالجة أذاه  ويمكن للأخ السائل دفع أذى جاره  بالصبر مع إشعاره بأن قيم الإسلام تحث على الصبر وعدم الإساءة للجار وأن الواجب عليه احترام الجوار بمعنى  أن يتحول الأمر إلى دعوته لقيم الإسلام ومحاسنه فإن لم  يفعل فلا حرج على الأخ السائل إذا رفع سلوكه للجهات هناك .

والله تعالى أعلم

[1] – أخرجه أبو داود (5152)، والترمذي (1943) بنحوه، وأخرجه الخرائطي في ((مكارم الأخلاق)) (220) باختلاف يسير من حديث عبدالله بن عمرو؛ ولفظ الخرائطي: “كنت عند عبدالله بن عمرو …”.