سؤال من الأخ” R.i “من الجزائر يقول: السؤال المطروح أن هذه الألعاب يلعبها الناس ثنائيا والخاسر يدفع ثمن اللعب هل هذا جائز؟

حكم اللعب بين إثنين على مال

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا ورسولنا محمد، أما بعد:

الألعاب في هذا الزمان كثيرة، ومنها ما يكون على مال فيلعب اللاعبان أو أكثر على نية الحصول على المال الذي يدفعه الخاسر في اللعب، واللعب والسباق معلوم؛ لما رواه أبوهريرة -رضي الله عنه-أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ” لاَ سبقَ إلاَّ في خفٍّ أو في حافرٍ أو نصلٍ”([1]).

فهذه الألعاب الثلاثة يراد منها القوة في الحرب والجهاد في سبيل الله، وفي هذا قال الإمام الخطابي في معالم السنن: “الْجُعْلُ وَالْعَطَاءُ لَا يُسْتَحَقُّ إِلَّا فِي سِبَاق الْخَيْل وَالْإِبِل وَمَا فِي مَعْنَاهُمَا، وَفِي النَّصْل وَهُوَ الرَّمْي، وَذَلِكَ أَنَّ هَذِهِ الْأُمُور عُدَّة فِي قِتَال الْعَدُوّ , وَفِي بَذْل الْجُعْل عَلَيْهَا تَرْغِيب فِي الْجِهَاد وَتَحْرِيض عَلَيْهِ.

وَأَمَّا السِّبَاق بما لَيْسَ مِنْ عُدَّة الْحَرْب، وَلَا مِنْ بَاب الْقُوَّة عَلَى الْجِهَاد، فَأَخْذ السَّبَق عَلَيْهِ مَحْظُور لَا يَجُوز “([2]).

والأصل في تحريم السباق على المال أن هذا المال من القمار الذي قال الله فيه: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ، إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ ۖ فَهَلْ أَنتُم مُّنتَهُونَ} [المائدة: 90-91]، وفي هذا قال الإمام النووي: ” وإنما يكون قماراً إذا شُرط المال من الجانبين، فإن أخرج أحدهما ليبذله إن غُلِبَ، ويُمسكَه إن غَلَبَ، فليس بقمار… لكنه عقد مسابقة على غير آلة قتال، فلا يصح”([3]).

ومع أن السباق المشروع محصور في ثلاثة أحوال، وإن الأصل فيها التقوية على القوة للجهاد – كما ذكر- إلا أن الحاجة دعت إلى الاشتقاق من هذه الأحوال ما هو أقر ب إلى غايتها، ومن ذلك المسابقات لغاية مشروعة بين الطلاب في المدارس، والمسابقات على حفظ القرآن الكريم واستذكار السنة النبوية، أو المسابقات ذات الدلالة على الجهاد حين حدوثه كالمسابقة على صنع آلات الحرب، ونحو ذلك مما هو مشروع وله فوائد ظاهرة.

أما المسابقات على الألعاب الإلكترونية أو الألعاب الورقية أو المسابقات على ألعاب الكرة أو التسابق بين اللاعبين، واشتراطهم على بعض البذل في حال الخسارة كإلزام الخاسر بذبح ذبيحة أو أكل معين فهذا كله لا يجوز بل هو محرم ومن باب القمار.

فالحاصل مما ذكر أن الألعاب الإلكترونية وما في حكمها إذا كان اللعب فيها على مال فهي محرمة على المشاركين فيها.

والله تعالى أعلم.

 

[1] أخرجه أبو داود (2574) واللفظ له، والترمذي (1700)، والنسائي (3585) باختلاف يسير، وصححه الألباني في صحيح سنن أبي داود برقم(2574) “إلَّا في خُفٍّ”، أي: بَعيرٍ، “أو في حافرٍ”، أي: خَيلٍ، “أو نَصْلٍ”، أي: رَمْيِ السَّهمِ.

[2] “معالم السنن ” (2/255) بتصرف يسير.

[3] “روضة الطالبين” (11 / 225).