سؤال من الأخ “n .r” من ألمانيا يقول فيه: هل يجوز أن أدعو بالشفاء والصحة لصديقي، وهو من غير المسلمين؟.

الدعاء لغير المسلم بالشفاء من مرضه

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا ورسولنا محمد، وعلى آله وأصحابه، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد،،

فالجواب: أن دين الإسلام دين رحمة، ودين دعوة، والشخص غير المسلم نوعان:

النوع الأول: رجل مسالم، له علاقة بالمسلمين، لا يقاتلهم، ولا يؤذيهم، ولا يتعرض لهم في دينهم، وتظهر عليه علامات الصداقة معهم، فهذا يجوز البر به، والإحسان إليه، ومن ذلك: الدعاء له في حال مرضه، والأصل في هذا قول الله-جل في علاه-: ﴿لَّا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ﴾ (الممتحنة: 8).

النوع الثاني: رجل غير مسلم، عدو للمسلمين، يؤذيهم، ويتربص بهم الدوائر، فهذا لا يجوز التعامل معه مثل الأول؛ لعداوته للمسلمين، فلا يجوز بره، ولا الدعاء له، وقد نهى الله عنه بقوله-عز ذكره-: ﴿إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَىٰ إِخْرَاجِكُمْ أَن تَوَلَّوْهُمْ ۚ وَمَن يَتَوَلَّهُمْ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ﴾ (الممتحنة: 9).

فاقتضى هذا جواز الدعاء لغير المسلم المسالم، الدعاء له بالشفاء، والدعاء له بالهداية، فقد دعا رسول الله-صلى الله عليه وسلم-لدَوْسٍ، كما روى أبو هريرة-رضي الله عنه-: أن طُفَيْلَ بنَ عَمْرٍو الدَّوْسِيَّ وأَصْحَابَهُ قدموا علَى النبيِّ-صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ-، فَقالوا: يا رَسولَ اللَّهِ! إنَّ دَوْسًا عَصَتْ، وأَبَتْ، فَادْعُ اللَّهَ عَلَيْهَا. فقِيلَ: هَلَكَتْ دَوْسٌ. قالَ: «اللَّهُمَّ اهْدِ دَوْسًا، وأْتِ بهِمْ»([1]).

هذا في عموم المسألة، أما الجواب عن السؤال فلا حرج على الأخ السائل إذا دعا لصديقه غير المسلم بالشفاء من مرضه. والله-تعالى-أعلم.

[1] أخرجه البخاري (2937)، ومسلم (2524).