الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا ورسولنا محمد، أما بعد:
فالقرآن كتاب الله المنزل على نبيه وسوله محمد-صلى الله عليه وسلم-لهداية الخلق من الجن والإنس، ناسخا لجميع الكتب السابقة، وقد طهَّره الله وعظَّمه، وأمر العباد أن يتطهروا حين يمسونه، فلا يمسه غير طاهر، ولا يتلوه إلا طاهر، قال-عز وجل-: ﴿لَّا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ﴾ (الواقعة: 79)، وقال-جل في علاه-: ﴿هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ﴾ (البقرة: 2)، وقال: ﴿إِنَّ هَٰذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ﴾ (الإسراء: 9)، وقد عظمه الله، وأمر عباده أن يتلوه ويعظموه، فقال-تقدس اسمه-: ﴿لَوْ أَنزَلْنَا هَٰذَا الْقُرْآنَ عَلَىٰ جَبَلٍ لَّرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُّتَصَدِّعًا مِّنْ خَشْيَةِ اللَّهِ﴾ (الحشر: 21).
وهذا الكتاب منزه عن العبث في أي سورة أو آية أو حرف، فيحرم تبديله، أو تحريفه، أو تأويله، قال-عز وجل-: ﴿وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ ۗ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِّنْ عِندِ رَبِّنَا ۗ وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ﴾ (آل عمران: 7).
هذا في عموم المسألة، أما عن سؤال الأخ فإن كان المراد قراءة القرآن في حلقة من حلقات الذكر بصوت جميل ففي هذا فضل عظيم؛ لقول رسول الله-صلى الله عليه وسلم-في حديث أبي هريرة-رضي الله عنه-: «ما اجتَمَعَ قَومٌ في بَيتٍ مِن بُيوتِ اللهِ-تَعالى-، يَتلُونَ كِتابَ اللهِ، ويَتَدارَسونَه بَينَهم؛ إلَّا نَزَلتْ عليهمُ السَّكينةُ، وغَشيَتْهمُ الرَّحمةُ، وحَفَّتْهمُ المَلائِكةُ، وذَكَرَهمُ اللهُ فيمَن عِندَه»([1]).
أما إن كان المراد قراءَتَهُ بألحان الأغاني فهذا لا يجوز، بل هو محرم، وتحرم تلاوة القرآن الكريم بألحان الأغاني، وتقليد المغنين أثناء التلاوة مع الحركات الجسدية، كل هذا محرم، ولا يجوز؛ لأن القرآن الكريم كلام الله الذي أنزله لهداية عباده، فيحرم العبث فيه بأي صورة. والله-تعالى-أعلم.
[1] أخرجه مسلم (2699)، وابن ماجه (225)، وأحمد (7427) مطولًا، وأبو داود (1455)، واللفظ له.