سؤال من الأخ” m.h” من مصر يقول: ما حكم الشريعة في قبول التعويض المادي من شخص تسبب له بأذى، كأن يشتري له دراجة، أو جهاز جوال؛ لكي يعفو عنه؟.

حكم قبول التعويض المادي عن الضرر

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا ورسولنا محمد، أما بعد،

فالأصل في دين الإسلام المحبة بين الناس، وتحريم تعدي بعضهم على بعض بغير حق، ذلكم أن الله -عز وجل- رؤوف بعباده، وعدم تعدي بعضهم على بعض، والشاهد في هذا قوله -عز وجل-: ﴿وَلَا تَعْتَدُوا ۚ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ﴾ (البقرة:190).

وتوعد -جل في علاه- المؤذين الذين يستغلون قوتهم وضعف غيرهم، فقال -تقدس اسمه-: ﴿وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُّبِينًا﴾ (الأحزاب:58).

والأذى قد يكون بالقول عندما يسب أحد غيره، أو يعيره، أو يحتقره في نسبه أو في فقره أو في ولده، ولهذا لما قال معاذ بن جبل -رضي الله عنه-: يا نبيَّ اللهِ! إِنَّا لمؤاخَذونَ بما نتَكلَّمُ بِه؟، قال: «ثَكلتكَ أمُّكَ يا معاذُ!، وَهل يَكبُّ النَّاسَ في النَّارِ علَى وجوهِهِم-أو علَى مناخرِهم-إلَّا حصائدُ ألسنتِهم»([1]).

وكما يكون الأذى بالقول يكون الفعل كالضرب أو الطعن أو الرهب أو القسوة، فكل هذا مما حرمه الله على عباده كما ورد في الحديث القدسي فيما رواه أبو ذر الغفاري -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أن الله -عز وجل- قال: «يا عبادي! إنِّي حرَّمتُ الظُّلمَ على نفسي، وجعلتُهُ بينَكم محرَّمًا، فلا تَظَالموا»([2]).

هذا في عموم المسألة: أما عن سؤال الأخ فإذا كان أحد تعرض للسائل، وآذاه بقول أو فعل فيحق له القصاص منه، وقد يكون هذا القصاص بشيء من المال ليعوضه به عن إيذائه له؛ لهذا لا حرج على السائل أن يتفق مع من آذاه على إعطائه شيئا من المال تعويضا له عما سبب له من أذى.

والله -تعالى- أعلم.

 

[1] صحيح الترمذي للألباني(2616).

[2] أخرجه مسلم (2577).