الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا ورسولنا محمد، أما بعد:
فالمشاركة في الشيء سواء كان قولا أو فعلا تعني التوافق فيه، ولا تنفك عنه هذه الصفة إلا إذا تخلى الشريك عن المشاركة، فمن يشترك في شراء أسهم الشركة – أي شركة – يكون طرفا فيها حسب قدر مشاركته، وهكذا في كل الأحوال المشابهة وظاهر المسألة أن البنك يريد من البائع المشاركة في توثيق البيع، والسؤال عما إذا كان البائع يكون شريكا في القرض أم لا؟
والجواب: أن للربا أبوابًا كثيرةً منها ما هو ظاهر ومنها ما هو مستتر والمشاركة في توثيق البيع تعد جزء من القرض.
والأصل في تحريم المشاركة قول رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فيما رواه جابر بن عبد الله رضي الله عنه: “لَعَنَ رَسولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- آكِلَ الرِّبَا، وَمُؤْكِلَهُ، وَكَاتِبَهُ، وَشَاهِدَيْهِ، وَقالَ: هُمْ سَوَاءٌ”([1]).
فهؤلاء أطراف في الربا؛ لأنهم شاركوا فيه بالكتابة والشهادة ومع أن القرض يخص شخصا واحدا ولكنهم أصبحوا مشاركين في القرض لكونهم شاركوا معه.
فالربا أمره عظيم وقد نادى الله المؤمنين وأمرهم أن يتركوا الربا في قوله جل في علاه: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ * فَإِن لَّمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِّنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ ۖ} [البقرة: 278-279].
هذا في عموم المسألة: أما عن السؤال فلا تجوز المشاركة في توثيق القرض؛ لأن المشاركة فيه تعد طرفا فيه.
والله -تعالى- أعلم.
[1] – أخرجه مسلم برقم : (1598).