سؤال من الأخ ” A.y” من الجزائر يقول: زوجتي تقول إن تنظيف البيت والطبخ وغسل الملابس ليس من واجبات الزوجة في الإسلام هل هذا صحيح؟

خدمة الزوجة لزوجها

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا ورسولنا محمد، أما بعد:

فقد تباينت آراء الفقهاء حول وجوب خدمة الزوجة لزوجها ففي مذهب أصحاب الإمام ديانةً لا قضاءً ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قَسَّم الأعمال بين علي وفاطمة رضي الله عنهما ، فجعل عمل الداخل على فاطمة ، وعمل الخارج على علي ، ولهذا فلا يجوز للزوجة أن تأخذ من زوجها أجرا من أجل خدمتها له([1]) وذهب أصحاب الإمام مالك وعدد من التابعين إلى ذلك([2]) استدلالا بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما رواه قيس بن سعد رضي الله عنه: ” لَو كنتُ آمرًا أحدًا أن يسجدَ لأحدٍ لأمرتُ النِّساءَ أن يسجُدنَ لأزواجِهِنَّ لما جعلَ اللَّهُ لَهُم علَيهنَّ منَ الحقِّ”([3]) .

وذهب الجمهور من أصحاب الإمام الشافعي وأحمد إلى عدم وجوب خدمة الزوجة لزوجها ولكن الأفضل أن تفعل ما جرت به العادة([4]).

قلت: وآراء الفقهاء متفاوتة  في الوجوب وعدمه ولعل الصواب وجوب خدمة الزوجة لزوجها فيما تقدر عليه من الخدمة كترتيب منزلها وغسل ملابسه وملابس أطفالها وطهي الطعام فهذا الواجب تفرضه العادة ففي تاريخ المسلمين من عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وشكاية فاطمة رضي الله عنها من لقب(الرحى) وقسمته عليه الصلاة والسلام الأعباء بينها وبين علي فما يكون داخل المنزل يكون عليها وما يكون خارجه عليه.

ومع القول بوجوب الخدمة على الزوجة  إلا أن الأمر يتعلق بما تجري عليه العادة فالعرف به في المكان والأصل فيه قول عبد الله بن مسعود رضي الله عنه:” ما رَأى المُسلمونَ حَسنًا؛ فهو عندَ اللهِ حَسنٌ، وما رأَوا سيِّئًا؛ فهو عندَ اللهِ سيِّئٌ “([5]) وقول الفقهاء:” الْمَعْرُوفُ عُرْفًا كَالْمَشْرُوطِ شَرْطًا”([6]).

هذا في عموم المسألة، أما عن السؤال فالواجب على الزوجة خدمة زوجها  وعيالها في داخل المنزل  ما لم يكن لها عذر من مرض أو عدم قدرة ونحو ذلك كالاستغناء عن خدمتها إن أراد توفير دمة لبيته  من غيرها فلا حرج في ذلك والمهم في هذا ما جرت به العادة بين الناس في مكانهم.

والله تعالى أعلم.

[1] ينظر: ((المبسوط)) للسرخسي (11/29)، ((البحر الرائق)) لابن نجيم (4/199)، ((الدر المختار للحصكفي وحاشية ابن عابدين)) (3/579).

[2] يُنظر: ((شرح الزرقاني على مختصر خليل)) (4/442)، ((منح الجليل)) لعليش (4/392).

[3] أخرجه أبو داود (2140) وصححه الألباني في صحيح سنن أبي داود برقم(2140).

[4] ((تحفة المحتاج)) لابن حجر الهيتمي(7/441)، ((حاشيتا قليوبي وعميرة)) (3/300). ((الإنصاف)) (8/267) ((شرح منتهى الإرادات)) للبهوتي (3/47)، ((مطالب أولي النهى)) للرحيباني (5/271).

[5] أخرجه أحمد (3600) واللفظ له، والطبراني (9/118) (8582).

[6] شرح مجلة الأحكام: م: 43 ص: 46، الأشباه للسيوطي: 92، ابن النجيم: 99، الوجيز: 251، القواعد للندوي: 65.