الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبيه ورسوله الأمين، وعلى آله وصحابته ومن تبعهم إلى يوم الدين، أما بعد:
فالأصل تحريم تغيير خلق الله؛ لأنه -عز وجل- أعلم بخلقه، وأحكم في صنعه، وأعظم في تدبيره وتصرفه في عباده، والتغيير في الخلق من أعمال الشيطان وضلاله، وإفساد عقيدة العباد بما يزينه لهم من تغيير خلق الله، فقد حكى الله عنه في قوله -عز ذكره-: (وَقَالَ لَأَتَّخِذَنَّ مِنْ عِبَادِكَ نَصِيبًا مَّفْرُوضًا) (النساء: 118)، أي سوف أضلهم بضلالي، وأغويهم بغوايتي، ثم قال: (وَلَأُضِلَّنَّهُمْ وَلَأُمَنِّيَنَّهُمْ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آذَانَ الْأَنْعَامِ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ) (النساء: 119)، ثم قال -عز وجل-: (وَمَن يَتَّخِذِ الشَّيْطَانَ وَلِيًّا مِّن دُونِ اللَّهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَانًا مُّبِينًا) (النساء:119).
والذين يعملون على تغيير خلق الله إما يعملونه لقصد الزينة المحضة، كتوشيم اليدين، وإما لقصد التدليس والخداع، كوصل الشعر من جنسه، لكي تظهر المرأة بغير مظهرها الصحيح في السن أو الشكل. وسواء كان التغيير في الإنسان أو الحيوان، فكل هذا مما حرمه الله.
هذا في العموم، ولكن لا يعد من تغيير خلق الله، ما كان القصد منه عدم تغيير هذا الخلق، أو مضاهاة خلق الله، ومن ذلك خضاب الشعر من الأبيض إلى لون آخر، ووصل الشعر من غير جنسه، ولا يعد كذلك من تغيير خلق الله ما تقتضيه الضرورة للعلاج، كزرع الأسنان، والشعر، وإزالة الثآليل، أو اللحمة الزائدة في الوجه. وكذلك إزالة الأورام، وتعديل الأذن إذا كانت ملتصقة مع الخد، وخيط الشفاه المشقوقة، أو تعديلها، وقطع الأصبع الزائدة، إذا كانت تعيق حركة اليد أو الرجل، أو كانت تسبب لصاحبها ألمـًا نفسيًّا.
فالجراحة في الأشياء المذكورة جائزة، وأما ماعداها من التغيير لخلق الله فمحرم.