سؤال من الأخ ” ي.ر” من الجزائر يقول فيه: هل يجوز للإنسان أن يرقي سيارته ومزرعته ومحله التجاري؟، وإن كان يجوز فكيف تكون هذه الرقية الشرعية؟.

حكم رقية الإنسان لأمواله

فإن رقية المال تكون بتحصينه من المحرمات كالربا والغش والخداع والحيل، ورقية المحل التجاري بتحصينه من الغش والاستغلال، وبيع الصنائع الفاسدة، ورقية المزرعة تكون بإخراج زكاتها كما أمر الله بذلك في قوله-عز وجل-: ﴿وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ﴾ (الأنعام: 141)، وقد قص الله-عز وجل-قصة أصحاب الجنة، وهم قوم من اليمن، قد تعاهدوا بعد وفاة أبيهم على ألا يدخل جنتهم مسكينٌ، وفي هذا قال-عز ذكره-: ﴿إِنَّا بَلَوْنَاهُمْ كَمَا بَلَوْنَا أَصْحَابَ الْجَنَّةِ إِذْ أَقْسَمُوا لَيَصْرِمُنَّهَا مُصْبِحِينَ* وَلَا يَسْتَثْنُونَ* فَطَافَ عَلَيْهَا طَائِفٌ مِّن رَّبِّكَ وَهُمْ نَائِمُونَ* فَأَصْبَحَتْ كَالصَّرِيمِ * فَتَنَادَوْا مُصْبِحِينَ * أَنِ اغْدُوا عَلَىٰ حَرْثِكُمْ إِن كُنتُمْ صَارِمِينَ* فَانطَلَقُوا وَهُمْ يَتَخَافَتُونَ * أَن لَّا يَدْخُلَنَّهَا الْيَوْمَ عَلَيْكُم مِّسْكِينٌ * وَغَدَوْا عَلَىٰ حَرْدٍ قَادِرِينَ * فَلَمَّا رَأَوْهَا قَالُوا إِنَّا لَضَالُّونَ * بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ * قَالَ أَوْسَطُهُمْ أَلَمْ أَقُل لَّكُمْ لَوْلَا تُسَبِّحُونَ * قَالُوا سُبْحَانَ رَبِّنَا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ* فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ يَتَلَاوَمُونَ * قَالُوا يَا وَيْلَنَا إِنَّا كُنَّا طَاغِينَ * عَسَىٰ رَبُّنَا أَن يُبْدِلَنَا خَيْرًا مِّنْهَا إِنَّا إِلَىٰ رَبِّنَا رَاغِبُونَ﴾ (القلم: 17-32)، والمعنى: أن أباهم لما توفي تَنَادَوْا لمنع الفقراء مما كان أبوهم يفعله من تزكية الحديقة بإخراج حقوقها، وكان الله-عز وجل-يراقبهم فيما يفعلون فلما أنكروا حق الفقراء، وحق زكاة الحديقة أصاب الله حديقتهم أثناء نومهم بالليل، فتحولت إلى حصيد وهشيم وفي آخر الليل تنادَوْا  بينهم لمنع الفقراءِ حقَّهم قبل طلوع النهار، وكانوا يسيرون سرًّا حتى لا يراهم أحدٌ، فلما رأوا الحديقة وجدوها قد احترقت، فلما رأوا ما هي عليه صاروا يتلاومون على ما فعلوا، ويصفون أنفسهم بالطغيان، وكان العاقل فيهم ينصحهم بالتسبيح والندم، فقالوا: ﴿إنا كنا ظالمين﴾، ودعوا الله-عز وجل- أن يهبهم جنة غيرها.

هذه خلاصة قصة أصحاب الحديقة، والعبرة منها: أن المال أيا كان نوعه أو مسماه يحتاج إلى تحصين وتطهير، أي: تحصينه بإخراج زكاته، والتصدق منه على الفقراء والمحاويج، وتطهير أصحابه بما ينفقونه، وفي هذا قال الله-عز وجل-لنبيه ورسوله محمد-صلى الله عليه وسلم-: ﴿خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِم بِهَا﴾ (التوبة:103).

فالحاصل جوابا عن السؤال: أن رقية المال تتطلب  بالضرورة تحصينه بالبعد عن الربا، وإعطاء كل ذي حق حقَّه، وتطهيره من المحرمات، فهذه هي الرقية الحقيقية للمال. والله -تعالى- أعلم.