سؤال من الأخ يعقوب من الجزائر، يقول: هل تباعد المصلين في صلاة الجماعة ينقص من أجر الصلاة؟ إمام أحد المساجد يقول إن التباعد مخالف للسنة، حتى لو كان من أجل جائحة (كورونا).

تباعد المصلين في صلاة الجماعة من أجل جائحة (كورونا)

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسوله محمد، وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد:

فإن الواجب تراص المصلين في الصلاة، وقد أحب الله الذين يتراصون صفوفهم في أثناء القتال في سبيله، فقال -عز وجل-: ( إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُم بُنْيَانٌ مَّرْصُوصٌ)(الصف:4)؛ فما يجب في القتال يجب في الصلاة، وقد أكد رسول الله – صلى الله عليه وسلم – تراص الصفوف في أثناء الصلاة، فكان يقول: ( سَوُّوا صُفُوفَكُمْ , فَإِنَّ تَسْوِيَةَ الصَّفِّ مِنْ تَمَامِ الصَّلاةِ)([1]) وفي رواية أخرى قال 🙁 سَوُّوا صُفُوفَكُمْ , فَإِنَّ تَسْوِيَةَ الصُّفُوفِ مِنْ إِقَامَةِ الصَّلاةِ )([2]) وقال أيضًا: ” أقيموا الصفوف، وحاذوا بين المناكب، وسدوا الخلل، ولينوا بأيدي إخوانكم ، ولا تذروا فرجات للشيطان، ومن وصل صفًّا وصله الله، ومن قطع صفًّا قطعه الله )([3]) فاقتضى هذا وجوب تراص المصلين في أثناء الصلاة.

هذا في العموم، أما عن سؤال الأخ عما إذا كان تباعد المصلين ينقص من أجر المصلين، فالأصل عدم جواز التباعد بين المصلين كما ذكر،إلا لضرورة في هذا الزمان، ووجود جائحة (كورونا) تقتضي تباعد المصلين، فإذا قيل بتراص الصفوف أدى ذلك إلى انتقال العدوى بين المصلين، فيمرض ويموت خلق كثير، فيكون التباعد هو الاستثناء من الأصل ، والأصل في هذا قول رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: ( لا يُورِدَنَّ مُمْرِضٌ علَى مُصِحٍّ)([4]) وقوله- عليه الصلاة والسلام-: ( فِرَّ من المجذومِ فراركَ من الأَسدِ)([5]) وفيه قول عمر بن الخطاب- رضي الله عنه- لما  رجع بالجند  ومنعهم من دخول الشام في أثناء الطاعون: ”  نفر من قدر الله إلى قدر الله”([6]).

فالحاصل أن التباعد في هذه الأحوال ضرورة، ولن ينقص -إن شاء الله- من أجور المصلين.

والله -تعالى- أعلم.

 

[1] رواه البخاري ( 690 ) ومسلم ( 433).

[2] رواه البخاري(723).

[3] رواه أبو داود ( 666 ) والنسائي (819 ) وصححه الألباني في صحيح أبي داود ( 620 ).

[4] متفق عليه رواه البخاري برقم(5771) ومسلم برقم(222).

[5] أخرجه من طرق البخاري معلقاً بصيغة الجزم (5707) مطولاً باختلاف يسير، وأحمد (9722) واللفظ له.

[6] أخرجه البخاري برقم (5729).