سؤال من الأخ “و.ح” من جمهورية السودان يقول: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، جزاكم الله خيرا، ونفع بكم نتابع بشدة ما تقدمونه من جهود علمية مباركة، أسأل الله أن يجعلها في ميزان حسناتكم، وقد انتفعنا جدا بها، وعندي سؤال ألا وهو: هل الأفضل أن أحج مرة ثانية، أم أتبرع بمالي لطالب محتاج؛ لكي يسدد رسومه في الجامعة؟

حكم ما إذا كان الأفضل الحج مرة ثانية أم التصدق بنفقته

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا ورسولنا محمد، أما بعد:

فنشكر للأخ ما ذكره، ونسأل الله عز وجل أن يعلمنا جميعا التفقه في ديننا، وأن ينفعنا بما علمنا، إنه ولي ذلك والقادر عليه.

أما عن السؤال فالحج من شعائر الله، والمبرور منه ليس له جزاء إلا الجنة، كما رواه أبو هريرة -رضي الله عنه-أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (العُمْرَةُ إلى العُمْرَةِ كَفَّارَةٌ لِما بيْنَهُمَا، والحَجُّ المَبْرُورُ ليسَ له جَزَاءٌ إلَّا الجَنَّةُ)([1]). وطلب العلم من أعظم الفضائل، وقد روى أبو الدرداء -رضي الله عنه-أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (مَن سلَكَ طريقًا يلتَمِسُ فيهِ علمًا، سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ طريقًا إلى الجنَّةِ، وإنَّ الملائِكَةَ لتَضعُ أجنحتَها لطالِبِ العلمِ رضًا بما يصنعُ، وإنَّ العالم ليستغفِرُ لَهُ مَن في السَّمواتِ ومن في الأرضِ، حتَّى الحيتانِ في الماءِ، وفضل العالمِ على العابدِ كفَضلِ القمرِ على سائرِ الكواكبِ، وإنَّ العُلَماءَ ورثةُ الأنبياءِ وإنَّ الأنبياءَ لم يورِّثوا دينارًا ولا درهمًا، إنَّما ورَّثوا العلمَ، فمَن أخذَهُ أخذَ بحظٍّ وافرٍ)([2])، والعالم ينفع الله به الأمة سواء كان علمه في دينها أو فيما هو خير لها في دينها ودنياها.

هذا في عموم المسألة: أما عن سؤال الأخ فحيث أنه قد حج وأدى ركنا من أركان الإسلام، فقد يكون للتصدق بقيمة الحج الثاني أجر عظيم خاصة للطالب الذي لا يجد ما ينفقه في دراسته، فهذا الطالب يعد من المحاويج، وفي الصدقة عليه فضل وأجر كبير، ونسأل الله أن يعوض الأخ السائل على ما ينفقه وما يتطلع إليه من الحج مرة أو مرات أخرى.

والله تعالى أعلم.

 

[1] -أخرجه البخاري برقم: (1773)، ومسلم برقم:(1349).

[2] -أخرجه أبو داود (3641)، والترمذي (2682)، وابن ماجه (223)، والإمام أحمد في مسنده (21715) باختلاف يسير وقال الألباني في صحيح سنن أبي داود برقم:( 3641) صحيح.