الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا ورسولنا محمد وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين،
أما بعد،
فالجواب: أن الشهادة أمر عظيم؛ لما فيها من اقتطاع الحقوق، ورد المظالم، وإعادة الحق إلى أهله، وهي أمانة، وخيانة الأمانة منكر عظيم، ومن يتساهل فيها يعد آثما، وقد عظم الله-عز وجل- أمرها بقوله: ﴿وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِّنكُمْ﴾ (الطلاق: 2)، فاقتضى هذا أنه لا تصح الشهادة إلا من عدل في دينه وخلقه وسلوكه، كما عظمها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فيما رواه عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-: أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال لرَجُلٍ: «تَرى الشَّمسَ»؟، قال: نَعَمْ!، قال: «على مِثلِها فاشْهَدْ أو دَعْ»([1]).
هذا في عموم المسألة، أما عن السؤال فلا يجوز للسائل الشهادة على شيء لم يره بعينه، ولم يتحقق منه، فالشهادة تقتضي بالضرورة أن يكون الشاهد عارفا بالشيء الذي يشهد عليه، وإلا تعد شهادة زور، وقد وصف الله المؤمنين بأنهم لا يشهدون الزور بقوله -تقدس اسمه-: ﴿وَالَّذِينَ لَا يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا﴾ (الفرقان: 72)، وعلى السائل أن يتجنب هذا المنكر، ولا يشهد إلا بما يعلمه من صدق ويقين. والله -تعالى- أعلم.
([1]) أخرجه الحاكم (7045) بنحوه، وأبو نعيم في ((حلية الأولياء)) (4/18)، والبيهقي في ((شعب الإيمان)) (10974) باختلاف يسير، ضعف إسناده ابن حجر العسقلاني في بلوغ المرام، (٤٢٠).