سؤال من الأخ ناصر… من مدينة واشنطن دي سي في الولايات المتحدة الأمريكية يقول فيه‏: إنه يقصر الصلاة منذ سبعة أشهر، ويسأل عما إذا كان عليه بعد هذه المدة أن يصلي الصلاة كاملة، مع ملاحظة أنه لم يحدد الفترة التي سوف يبقى فيها في الولايات المتحدة.

مدة قصر الصلام لمن لم يحدد فترة سفره

والجواب‏: أن الأخبار المتواترة عن رسول الله  قد دلت على أنه كان يقصر الصلاة في سفره لحجه وعمرته وغزواته، وقد أجمع العلماء على أن من سافر سفرًا تقصر في مثله الصلاة في حج أو عمرة أو جهاد أو تجارة، فله أن يقصر فيه الصلاة الرباعية فيصليها ركعتين.

أما مدة السفر الذي تقصر فيه الصلاة فقد تباينت آراء العلماء، فلهم فيه أحد عشر قولاً([1]). فمنهم من قال بجواز القصر للمسافر جوازاً محدداً بمدة، وقول بجواز عام تحكمه ظروف المسافر، وقال فيه ابن المنذر‏: أجمعوا على أن المسافر يقصر ما لم يجمع إقامة ولو أتى عليه سنون، وفي هذا روي عن ابن عمر -رضي الله عنهما- أنه أقام بأذ ربيجان ستة أشهر يقصر الصلاة،؛ لأنه حال الثلج بينه وبين الدخول، وعن علي أنه قال يقصر الذي يقول أخرج اليوم أخرج غداً شهراً.

ولعل الجواب عن سؤال الأخ السائل‏: أن المسافر الذي يعلم مدة سفره على وجه التوكيد يجب أن يتم صلاته إذا كانت إقامته في سفره أكثر من أربعة أيام، ومثل هذا الطالب المبتعث للدراسة الذي حدد سفره بمدة معلومة، أو السائح الذي فرض لنفسه إجازة معلومة، أو التاجر الذي يعرف أن مكثه في سفره يتطلب منه قضاء مدة معلومة، أو الموظف الذي انتدب للعمل خارج بلده مدة معلومة؛ فهؤلاء ومن في حكمهم يعرفون مدة إقامتهم في سفرهم، وعليهم الإتمام بعد مضي أربعة أيام من وصولهم مكان السفر.

أما إذا كان المسافر لا يعلم على وجه التحديد واليقين مدة سفره فهذا يترخص له في القصر، ومن ذلك التاجر الذي يذهب إلى بلد ليستورد منه بضاعة ولا يعرف متى تنتهي مهمته؛ لأن الوقت الذي يتم فيه الاستيراد غير معلوم له، وكذلك الذي يذهب خارج بلده إلى مكان لمهمة معينة ولا يعرف بالتحديد متى تنتهي هذه المهمة.

 

 

([1])  مجلة البحوث الفقهية المعاصرة العدد الثامن والستون، محرم ربيع أول 1426هـ، ص259-264.