الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا ورسولنا محمد، أما بعد:
فإن المسلم الحق من يتبع ما جاء في كتاب الله وسنة رسوله محمد صلى الله عليه وسلم ويجتنب أهل الأهواء والبدع وسبل الضلال فلا يتبرك بقبر ولي ولا ينازع فيما جاءه من البينات فكتاب الله واضح لا لبس فيه وسنة رسوله محمد صلى الله عليه وسلم واضحة كل الوضوح. وقد مقت الله الهوى وحذر عباده منه وفي هذا قال جل في علاه محذرا نبيه ورسوله محمدا صلى الله عليه وسلم و مبينا له ما عليه أهل الضلال وأنهم كالأنعام بل هم أضل: ” أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَٰهَهُ هَوَاهُ أَفَأَنتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلًا، أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ ۚ إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ ۖ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلً”(الفرقان:43-44)وقال عز ذكره: “ أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَٰهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَىٰ عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَىٰ سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَىٰ بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَن يَهْدِيهِ مِن بَعْدِ اللَّهِ ۚ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ “(الجاثية:23)وما كان أهل الأهواء وأهل البدع ليوصفوا بهذا الوصف إلا بعد أن ضلوا وكذبوا ما أنزل الله من البينات وما جاء به رسوله محمد صلى الله عليه وسلم بقوله فيما رواه العرباض بن سارية رضي الله عنه :” قد تركتكم على البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها بعدي إلا هالك”([1]) وقوله عليه الصلاة والسلام في حديث أم المؤمنين عايشة رضي الله عنها :” من عمل عملًا ليس عليه غيرُ أمرِنا فهو رَدٌّ “([2]).
والمعنى أن هؤلاء انحرفوا عن سواء السبيل الذي بينه الله لهم في كتابه وعلى لسان رسوله محمد صلى الله عليه وسلم ويدخل في صفات أهل الأهواء والبدع الذين يتبركون بأصحاب القبور ويدعونهم بقصد نفعهم ودفع الضر عنهم ويتوسلون بهم للشفاعة لهم ويذبحون القرابين لهم رغم أن الله قد بين لهم أن عملهم هذا من الشرك الأكبر الذي لا يغفره الله.
هذا في عموم المسألة، أما عن سؤال الأخ فإن الإمامة في الصلاة توجب أن يكون الإمام سليما في عقيدته مهتديا بكتاب الله ومتمسكا بسنة رسوله محمد صلى الله عليه وسلم عارفا الأحكام الشرعية وأوامر الله وأوامر رسوله وما كان عليه خلفاؤه والتابعون لهم، هذا هو الإمام الحق الذي تجب الصلاة خلفه ، أما أهل الأهواء والبدع ومن على شاكلتهم فلا تجوز الصلاة خلفهم إلا بعد أن يتوبوا إلى الله توبة نصوحا فيتركوا أهوائهم وضلالهم ويؤمنوا بما جاءهم من البينات.
والله تعالى أعلم.
[1] أخرجه أبو داود (4607)، والترمذي (2676)، وابن ماجه (42)، وأحمد (17144) باختلاف يسير وصححه الألباني في صحيح سنن أبي داود(4607).
[2] أخرجه البخاري (2697)، ومسلم (1718) باختلاف يسير.