الأصل أنه لا صلاة دون قراءة سورة الفاتحة، ففي حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- قال سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: “مَنْ صَلَّى صَلاَةً لَمْ يَقْرَأْ فِيهَا بِأُمِّ الْقُرْآنِ فَهِيَ خِدَاجٌ، ثَلاَثًا” -أي غير تامة- فقِيلَ لأَبِي هُرَيْرَةَ: إنَّا نَكُونُ وراءَ الإمامِ؟ فقالَ: اقْرَأْ بها في نَفْسِكَ”([1]).
والمأموم له حالتان: الأولى: أن يقرأ الفاتحة بعد قراءة الإمام لها. وهذا يعني أن على الإمام أن ينتظر قليلًا قبل أن يشرع في القراءة حتى يقرأ المأموم الفاتحة، وهذا يتفق مع القول بوجوب قراءة الفاتحة، حتى تكون الصلاة كاملة، وليست خداجًا.
الحالة الثانية: أن يكتفي المأموم بقراءة إمامه للفاتحة، فتسقط قراءة الفاتحة عن المأموم، ومن يقول بهذا القول استدل بقول الله -تعالى-: (وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ) (الأعراف:204). كما استدل بقول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: “من كان له إمام فقراءة الإمام له قراءة”([2]). وقوله -عليه الصلاة والسلام-: “إنَّما جُعِلَ الإمامُ ليؤتمَّ به، فإذا كبَّر فكبِّروا، وإذا قرأَ فأَنصِتوا”([3])، فإذا استطاع المأموم قراءة الفاتحة بعد قراءة الإمام لها في الصلاة الجهرية، واستطاع كذلك سماع قراءة الإمام، فهذا هو الأفضل، بل لعله الأصح؛ لأنه جمع بين فضيلتين، قراءة الفاتحة، وسماع قراءة الإمام، أما إذا لم يستطع ذلك بسبب عجلة الإمام، فيستمع لقراءته، وتكون هذه القراءة قراءة له.
[1] أخرجه مسلم (395).
[2] أخرجه ابن ماجه (850)، وأحمد (14643) باختلاف يسير، والطحاوي في (شرح معاني الآثار) (1294) واللفظ له، وقال ابن الجوزي -رحمه الله-:” لهذا الحديث طرق: عن جابر، وعن علي، وابن عمر، وابن عباس، وعمران بن حصين: ليس فيها ما يثبت ” ا” العلل المتناهية” (1/428).
[3] أخرجه ابن ماجه رقم (853).