سؤال من الأخ م… سوان من الجزائر عما إذا كان لصلاة الجماعة أوقات محددة؟.

أوقات صلاة الجماعة.

الصلاة مؤقتة بأوقات معلومة ذكرها الله في كتابه إجمالًا، وفصلتها سنة رسوله محمد ﷺ تفصيلًا، فأما الكتاب فقول الله تعالى: {أَقِمِ الصَّلاَةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا}([1]). وقوله عز وجل: {وَأَقِمِ الصَّلاَةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِّنَ اللَّيْلِ}([2]).

وأما السنة فما رواه ابن عباس أن رسول الله ﷺ قال: (أمني جبريل عليه السلام عند البيت فصلى بي الظهر حين زالت الشمس فكانت قدر الشراك، وصلى بي العصر حين كان ظله مثله، وصلى المغرب حين أفطر الصائم، وصلى بي العشاء حين غاب الشفق، وصلى بي الفجر حين حرم الطعام والشراب على الصائم. فلما كان الغد صلى بي الظهر حين كان ظله مثله، وصلى بي العصر حين كان ظله مثليه، وصلى بي المغرب حين أفطر الصائم، وصلى بي العشاء إلى ثلث الليل، وصلى بي الفجر فأسفر، ثم التفت إلي فقال: يا محمد هذا وقت الأنبياء من قبلك والوقت ما بين هذين الوقتين)([3]).

وعلى هذا فأول وقت صلاة الظهر حين تزول الشمس، وآخر وقتها إذا صار ظل كل شيء مثله، بعد القدر الذي زالت عليه الشمس، والأفضل تعجيلها في أول الوقت إلا في شدة الحر، فإنه يستحب الإبراد بها؛ لقول النبي ﷺ: (إذا اشتد الحر فأبردوا الصلاة فإن شدة الحر من فيح جهنم)([4]).

وأول وقت صلاة العصر إذا صار ظل كل شيء مثله، وآخر وقتها إذا صار ظل كل شيء مثليه لحديث جبريل المشار إليه أعلاه. وقيل إن آخر وقتها ما لم تصفر الشمس، ثم يذهب وقت الاختيار ويبقى وقت الضرورة إلى غروب الشمس.

والتبكير بها أفضل بلا شك لقول أبي برزة -رضي الله عنه-: كان رسول الله ﷺ يصلي العصر، ثم يرجع أحدنا إلى رحله في أقصى المدينة والشمس حية([5]).

وأول وقت صلاة المغرب إذا غابت الشمس، وآخره إذا غاب الشفق الأحمر؛ لأن النبي ﷺ لما غابت الشمس أمر بلالًا فأقام الصلاة، وفي اليوم الثاني صلى المغرب حين غاب الشفق الأحمر ثم قال: (وقت صلاتكم بين ما رأيتم)([6]). ويكره تأخيرها عن أول وقتها.

وأول وقت صلاة العشاء إذا غاب الشفق الأحمر، وآخره ثلث الليل لما رواه بريدة أن رسول الله ﷺ صلى العشاء في اليوم الأول حين غاب الشفق، وصلاها في اليوم الثاني حين ذهب ثلث الليل([7])، ثم يذهب وقت الاختيار ويبقى وقت الضرورة إلى طلوع الفجر الثاني. ويجب أن يراعى في تأخيرها حال الناس.

وأول وقت صلاة الفجر إذا طلع الفجر الثاني، وآخره إذا طلعت الشمس لما روى بريدة عن النبي ﷺ أنه أمر بلالًا فأقام الفجر حين طلع الفجر، فلما كان اليوم الثاني صلى الفجر فأسفر بها ثم قال: (وقت صلاتكم بين ما رأيتم)([8]). والأفضل تعجيلها؛ لحديث عائشة -رضي الله عنها-: لقد كان رسول الله ﷺ يصلي الفجر فيشهد معه نساء من المؤمنات، ثم ينصرفن مُتَلَفِّعَاتٍ بمروطهن لا يعرفن من الغلس([9]).

قلت: هذه هي أوقات الصلاة كما وردت في كتاب الله تعالى وفي سنة رسوله محمد ﷺ، وهي كما ذكر وقت لأولها، ووقت لآخرها، والأفضل بكل حال إقامتها في أول أوقاتها؛ لأنها عبادة، والتبكير بالعبادة أفضل لكونه يدل على الاستجابة لأمر الله وعدم تأخير ما أمر به.

وأوقات الصلاة لم تعد خافية في هذا العصر، ففي كل مكان معلومات (تقاويم) تبين أوقات الصلوات كلها، فيجب اتباعها وعدم تأخير الصلاة؛ لأن الله عزوجل ذم الذين يؤخرون الصلاة ويتهاونون في أدائها فقال تعالى: {فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلاَةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا}([10]). وقال عزوجل: {فَوَيْلٌ لِّلْمُصَلِّين}([11]). {الَّذِينَ هُمْ عَن صَلاَتِهِمْ سَاهُون}([12]). أي يؤخرونها عن وقتها تهاونًا بها، وقيل لا يصلونها لمواقيتها، وقيل ساهون بإضاعة وقتها.

([1]) سورة الإسراء الآية 78.

([2]) سورة هود من الآية 114.

([3]) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب في المواقيت، سنن أبي داود، ج1 ص107، برقم (393)، صححه الألباني في صحيح الجامع، (١٤٠٢).

([4]) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب استحباب الإبراد بالظهر في شدة الحر لمن يمضي إلى جماعة ويناله الحر في طريقه، صحيح مسلم مع شرحه إكمال إكمال المعلم، ج2 ص550، برقم (615).

([5]) أخرجه البخاري (٥٤٧)، ومسلم (٦٤٧)، وأخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب في وقت صلاة النبي ﷺ وكيف كان يصليها، سنن أبي داود، ج1 ص109-110، برقم (398).

([6]) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب في المواقيت، سنن أبي داود، ج1 ص108-109، برقم (395)، أخرجه مسلم، (٦١٣).

([7]) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب في المواقيت، سنن أبي داود، ج1 ص108-109، برقم (395)، قال العيني في نخب الأفكار، (٣/١٥٩): إسناده صحيح على شرط مسلم.

([8]) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب أوقات الصلوات الخمس، صحيح مسلم مع شرحه إكمال إكمال المعلم، ج2 ص548-549، برقم (613).

([9]) أخرجه البخاري في كتاب مواقيت الصلاة، باب في وقت الفجر، فتح الباري، ج2 ص65، برقم (578)، وأخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب في وقت الصبح، سنن أبي داود، ج1 ص115، برقم (423)

([10]) سورة مريم الآية 59.

([11]) سورة الماعون الآية 4.

([12]) سورة الماعون الآية 5.