سؤال من الأخ” م.د “من الجزائر يقول: هناك شخص اشترى جهاز ا للحاسب الآلي(الكمبيوتر) من الكسب الحرام ويعمل به لينفق على نفسه ويعول أسرته فهل يجوز له ذلك لأن أصله كان من مال حرام؟

من ينفق على أهله من مال حرام

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا ورسولنا محمد، أما بعد:

فالأصل أن يأكل الإنسان من مال حلال مثل كسب يده أو من وظيفته أو مما يحصل عليه من ولده أو من صدقة أعطيت له، هذا هو الأصل بأمر الله عزوجل لعباده ألا يأكلوا إلا من طيب وأمره كذلك الرسل ألا يأكلوا إلا من مال طيب لقوله جل في علاه: ” يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ”(البقرة:172)وقوله تقدس اسمه: ” يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ”(المؤمنون:51) فكل مال كان على خلاف ذلك يعد حراما لا يجوز الأكل منه  أو الصدقة أو البر منه لأنه سحت وقد وصف الله الذين يسارعون في الإثم والعدوان بأنهم أكلة  السحت في قوله عزوجل:” وَتَرَىٰ كَثِيرًا مِّنْهُمْ يُسَارِعُونَ فِي الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ ۚ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ،لَوْلَا يَنْهَاهُمُ الرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبَارُ عَن قَوْلِهِمُ الْإِثْمَ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ ۚ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَصْنَعُونَ “(المائدة:62-63)وأكلة السحت لا ينفعهم دعاؤهم ولا برهم والشاهد فيه قول رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديث أبي هريرة رضي الله عنه:” أَيُّها النَّاسُ، إنَّ اللَّهَ طَيِّبٌ لا يَقْبَلُ إلَّا طَيِّبًا، وإنَّ اللَّهَ أمَرَ المُؤْمِنِينَ بما أمَرَ به المُرْسَلِينَ، فقالَ: {يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ} [المؤمنون: 51]، وقالَ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ} [البقرة: 172]، ثُمَّ ذَكَرَ الرَّجُلَ يُطِيلُ السَّفَرَ أشْعَثَ أغْبَرَ، يَمُدُّ يَدَيْهِ إلى السَّماءِ، يا رَبِّ، يا رَبِّ، ومَطْعَمُهُ حَرامٌ، ومَشْرَبُهُ حَرامٌ، ومَلْبَسُهُ حَرامٌ، وغُذِيَ بالحَرامِ، فأنَّى يُسْتَجابُ لذلكَ؟!”([1]).

هذا في عموم المسألة: أما عن سؤال الأخ فالواضح منه أن الكمبيوتر الذي يكتسب منه صاحبه من مال حرام وهذه النفقة ليست من مال طيب ولا يجوز الأكل إلا من المال الطيب، فالواجب أن يجعل هذا الكمبيوتر في المنفعة العامة كمدرسة للأيتام أو جمعية خيرية ويتخلص منه وحينئذ يجب الكسب من وسيلة مشروعة للإنفاق منها على نفسه وأهله.

والله تعالى أعلم

[1] أخرجه مسلم(1015).