سؤال من الأخ” م.د ” من الجزائر يقول: هل اشتراط الغرامة في تأخير وفاء الدين شرط صحيح أم من الشروط الفاسدة وهل هناك بديل شرعي لهذا الشرط؟

حكم اشتراط الغرامة في تأخير وفاء الدين

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا ورسولنا محمد، أما بعد:

فظاهر السؤال عن شرط الغرامة في حال تأخير وفاء الدين.

والجواب: هذا الشرط غير صحيح بل هو باطل؛ لأن الزيادة أو الغرامة تعد ربا والربا محرم بنص الكتاب والسنة والإجماع وهو معلوم للمسلم من دينه بالضرورة فلا يحل له أن يشترط غرامة مقابل تأخير وفاء الدين والأصل في هذا قول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ” كلُّ قرضٍ جرَّ منفعةً فهو رِبا”([1]).

ولا خلاف بين أهل العلم في فساد الشرط المشار إليه، قال ابن عبد البر رحمه الله: ” لا أعلم خلافا فيمن اشترط زيادة في السلف أنه ربا حرام لا يحل أكله “([2])، وقال ابن المنذر رحمه الله: “أجمعوا على أن المُسلف إذا شرط على المستلف زيادة أو هدية، فأسلف على ذلك: أن أخذ الزيادة على ذلك ربا. وقد روي عن أبي بن كعب وابن عباس وابن مسعود أنهم نهوا عن قرض جر منفعة”([3]).

وقال الإمام بن قدامة رحمه الله: ” كل قرض شرط فيه أن يزيده فهو حرام بغير خلاف”([4]).

هذا في عموم المسألة: والجواب على السؤال أن الشرط الذي أشار إليه الأخ السائل باطل.

أما اشتراط غرامة عن التأخير في أمور معينة بعيدا عن الزيادة فلا حرج فيه -إن شاء الله- ومن ذلك اشتراط غرامة التأخير في عقود المقاولات مثلا، ففي عقد البناء يشترط المالك هذه الغرامة (الشرط الجزائي)، لكي يضمن عدم تأخير البناء، فلو لا هذا الشرط أو الغرامة لكان بإمكان المقاول المنفذ أن يتأخر في عقده فيصاب المالك بالضرر.

فالحاصل أن الشرط المشار إليه في تأخير الدين شرط غير صحيح بل هو باطل.

والله تعالى أعلم

[1] الجامع الصغير(6318) قال الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله: ” الحديث المذكور ضعيف عند أهل العلم، ليس بصحيح، ولكن معناه صحيح عند العلماء، معناه: أن القروض التي تجر نفعًا ممنوعة بالإجماع” (فتاوى إسلامية)، من جمع الشيخ/محمد المسند، ج2، ص: 417. و(مجموع فتاوى ومقالات الشيخ ابن باز 19/293)، ضعفه السيوطي في الجامع الصغير، (٦٣١٨).

[2] “الاستذكار” (6/ 513).

[3] “المغني” (6/436).

[4] “المغني” (6/ 436).