الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا ورسولنا محمد، أما بعد، ،
فالتأجير المشار إليه في السؤال نوع من أنواع المضاربة، وهذه المضاربة جائزة إذا لم يكن فيها ما هو محرم، بمعنى أن هذه المضاربة مبنية على البر والتقوى، فإذا كانت هذه خلاف ذلك أصبحت مشوبة بالتعاون على الإثم والعدوان، والأصل أن يكون التعاون في أي نوع من أنواع المضاربة ،مبنيا على البر والتقوى، والشاهد فيه قول الله عزوجل: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَىٰ ۖ وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ} [المائدة: 2]، هذا هو الأصل في المضاربة، فلو كان التأجير للصالة المشار إليها في السؤال مشوبا بأي نوع من أنواع الشك، أصبح هذا التعامل غير جائز، والأصل في هذا قول رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فيما رواه الحسن بن علي رضي الله عنهما: ” دع ما يَريبكَ إلى ما لا يَريبُكَ، فإنَّ الصِّدقَ طُمأنينةٌ وإنَّ الكذبَ رِيبةٌ“([1])، واتقاء الشبهات واجب المسلم لقول رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فيما رواه النعمان بن بشير رضي الله عنه: “إنَّ الحلالَ بيِّنٌ وإنَّ الحرامَ بيِّنٌ وبينهما أمورٌ مُشتبِهاتٌ لا يعلمهنَّ كثيرٌ من الناس فمنِ اتَّقى الشُّبُهاتِ استبرأ لدِينِه وعِرضِه، ومن وقع في الشُّبهاتِ وقع في الحرامِ، كالراعي يرعى حول الحِمى يوشكُ أن يرتعَ فيه، ألا وإنَّ لكلِّ ملكٍ حمًى، ألا وإنَّ حمى اللهِ محارمُه”([2])، لهذا ينبغي ترك هذا التأجير لما فيه من الشبهات.
والله تعالى أعلم.
[1] أخرجه الترمذي (2518)، وأحمد (1723) واللفظ لهما، والنسائي (5711) مختصراً وقال الألباني في صحيح الترمذي برقم(2518): ” صحيح”.
[2] أخرجه البخاري (52)، ومسلم (1599) واللفظ له.