سؤال من الأخ ميكائيل… من الولايات المتحدة الأمريكية يسأل فيه عما إذا كانت البسملة آية من فاتحة الكتاب، وإذا كانت كذلك فهل تقرأ في كل ركعة من ركعات الصلاة سرًا أو جهرًا.

البسملة هل هي آية من سورة الفاتحة

اختلف الفقهاء في قراءة بسم الله الرحمن الرحيم عند قراءة سورة الفاتحة، فطائفة منهم ترى قراءتها وهؤلاء هم عامة العلماء([1]). استدلالًا بما رواه نعيم المجمر أنه قال: صليت وراء أبي هريرة فقرأ بسم الله الرحمن الرحيم ثم قرأ بأم القرآن، وقال: والذي نفسي بيده إني لأشبهكم صلاة برسول الله ﷺ([2]). واستدلالًا أيضًا بما روي أن رسول الله ﷺ قرأ في الصلاة بسم الله الرحمن الرحيم([3]). وما روي أيضًا أنه -عليه الصلاة والسلام- قرأ في الصلاة بسم الله الرحمن الرحيم، وعدها آية([4]).

أما الطائفة الثانية فلا ترى قراءتها في أول الفاتحة، لما روي أن رسول الله ﷺ وأبا بكر وعمر يفتتحون الصلاة بـ(الحمد لله رب العالمين)([5]).

قلت: ولعل الأصح قراءتها في بداية الفاتحة، استدلالًا بفعل السلف حيث يعدونها آية منها في القراءة وفي كتابة المصحف.

والجهر بها محل خلاف كذلك بين العلماء([6])، فقالت طائفة منهم بأنه ينبغي الإسرار بها، وقال الترمذي: وعليه العمل عند أكثر أهل العلم من أصحاب رسول الله ﷺ ومن بعدهم من التابعين. وممن قال بذلك أبو بكر وعمر وعثمان وعلي وعدد آخر من الصحابة والتابعين، وممن قال بذلك أيضًا الإمام أحمد([7])، وأصحاب المذهب الحنفي([8]).

وقالت طائفة ينبغي الجهر بها في الجهرية، ومنهم طاووس ومجاهد وعطاء وسعيد بن جبير([9])، وهو مذهب الإمام الشافعي([10]). استدلالًا بحديث أبي هريرة أنه قرأ بها في الصلاة، وقال: (ما أسمعنا رسول الله ﷺ أسمعناكم وما أخفى علينا أخفينا عنكم([11]). كما استدلوا بأن البسملة آية من آيات سورة الفاتحة، فوجب الجهر بها([12]).

قلت: وفي الأمر سعة فكلا الأمرين جائز.

 

***

([1]) انظر: المغني، ج ص147-148.

([2]) أخرجه مسلم، (٣٩٢)، أخرجه النسائي في كتاب الافتتاح، باب قراءة بسم الله الرحمن الرحيم، سنن النسائي، ج2 ص133-134.

([3]) المغني لابن قدامة، ج2 ص148.

([4]) أخرجه الإمام أحمد في المسند، ج6 ص302، قال شعيب الأرنؤوط في تخريج سنن الدارقطني، (١١٧٥): صحيح لغيره.

([5]) أخرجه الترمذي في أبواب الصلاة، باب ما جاء في ترك الجهر بـ(بسم الله الرحمن الرحيم)، سنن الترمذي، ج2 ص12-13، برقم (244)، صححه الألباني في صحيح أبي داود، (٧٨٣).

([6]) المغني، ج2 ص147-149.

([7]) سنن الترمذي، ج2 ص14.

([8]) انظر: حاشية رد المحتار على الدر المختار لابن عابدين، ج1 ص490-491.

([9]) المغني، ج2 ص149.

([10]) انظر: الحاوي الكبير للماوردي، ج2 ص195.

([11]) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب القراءة في الفجر، فتح الباري، ج2 ص294، برقم (771).

([12]) انظر: المغني، ج2 ص150.