سؤال من الأخ موفق… س من الجزائر عن حكم صلاة الجماعة والجمعة في السفر.

صلاة الجماعة والجمعة في السفر

صلاة الجماعة واجبة وجوب عين، والأصل في ذلك الكتاب والسنة.

أما الكتاب: فقول الله تعالى: {وَارْكَعُواْ مَعَ الرَّاكِعِين}([1]). وهذا أمر بإقامة الصلاة جماعة.

وأما السنة: فقول رسول الله ﷺ: (لقد هممت أن آمر رجلًا يصلي بالناس ثم أخالف إلى رجال يتخلفون عنها، فآمر بهم فيحرّقوا عليهم بحزم الحطب، بيوتهم)([2]). وقوله -عليه الصلاة والسلام- لرجل أعمى: (هل تسمع النداء بالصلاة؟) فقال: نعم، قال: (فأجب)([3]). وقوله: (من سمع النداء ولم يجب لا صلاة له إلا من عذر)([4]).

وصلاة الجماعة لا تسقط في الحضر أو السفر إلا من عذر كمرض ونحوه، فالمسافرون إذا كانوا جماعة وجب عليهم الاجتماع لها، فإن كانوا ممن يجوز لهم القصر قصروا جمعًا، ولا يجوز لهم أن يصلوها فرادى. والأصل في ذلك فعل رسول الله ﷺ في سفره وغزواته، فلم يترك صلاة الجماعة في حضر أو سفر؛ لأن الله أمره بإقامتها حتى في حال القتال في قوله عزوجل: {وَإِذَا كُنتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاَةَ فَلْتَقُمْ طَآئِفَةٌ مِّنْهُم مَّعَكَ وَلْيَأْخُذُواْ أَسْلِحَتَهُمْ فَإِذَا سَجَدُواْ فَلْيَكُونُواْ مِن وَرَآئِكُمْ}([5]).

وكما هو الحال في صلاة الجماعة تجب صلاة الجمعة وجوب عين على كل مكلف قادر، ولا يستثنى من هذا الوجوب إلا الصبي غير المميز، وغير العاقل، والمريض، والمسجون، والأسير، والمسافر، وهذا الاستثناء مقيد بحالة كل واحد منهم فالمريض إذا شفي من مرضه لزمته صلاة الجمعة، والمسافر إذا انتهى من سفره إلى مكان تقام فيه صلاة الجمعة لزمته، والمسجون إذا تيسر له إقامة الصلاة في سجنه لزمته. وكذلك الأسير، وكل مكلف أدرك صلاة الجمعة ولم يكن له عذر وجب عليه أداؤها.

وقد أكد رسول الله ﷺ صلاة الجمعة في قوله: (نحن الآخرون السابقون يوم القيامة، بيد أنهم أوتوا الكتاب من قبلنا، ثم إن هذا يومهم الذي فرض الله عليهم فاختلفوا فيه فهدانا الله له فالناس لنا فيه تبع) الحديث([6]). كما حذر رسول الله ﷺ من التهاون في صلاة الجمعة في أحاديث كثيرة منها قوله: (من ترك الجمعة ثلاث مرات تهاونًا بها طبع الله على قلبه)([7]). وعن عبدالله ابن عمر وأبي هريرة -رضي الله عنهما- أنّهما سمعا رسول الله ﷺ يقول على أعواد منبره: (لينتهينَّ أقوام عن ودعهم الجُمُعات، أو ليختمنّ الله على قلوبهم. ثم ليكوننَّ من الغافلين)([8]).

 

([1]) قال الترمذي في سننه ج1 ص423، باب ما جاء فيمن يسمع النداء فلا يجيب: (وقد روى غير واحد من أصحاب النبي ﷺ أنّهم قالوا: من سمع النداء فلم يجب فلا صلاة له، قال بعض أهل العلم: هذا على التغليظ والتشديد، فلا رخصة في ترك الجماعة إلا من عذر).

([2]) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب فضل صلاة الجماعة، والتشديد في التخلف عنها، صحيح مسلم مع شرحه إكمال إكمال المعلم، ج2 ص587-589، برقم (651).

([3]) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب يجب إتيان المسجد على من سمع النداء، صحيح مسلم مع شرحه إكمال إكمال المعلم، ج2 ص590-591، برقم (653)، وتمام الحديث عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: أتى النبي ﷺ رجل أعمى فقال: يا رسول الله! إنّه ليس لي قائد يقودني إلى المسجد. فسأل رسول الله ﷺ أن يرخص له فيصلي في بيته، فرخّص له، فلما ولّى دعاه فقال: (هل تسمع النداء بالصلاة ؟) فقال: نعم. قال: (فأجب).

([4]) قال الترمذي في سننه ج1 ص423، باب ما جاء فيمن يسمع النداء فلا يجيب: (وقد روى غير واحد من أصحاب النبي ﷺ أنّهم قالوا: من سمع النداء فلم يجب فلا صلاة له، قال بعض أهل العلم: هذا على التغليظ والتشديد، فلا رخصة في ترك الجماعة إلا من عذر) صححه الألباني في صحيح الترغيب، (٤٢٦).

([5]) سورة النساء من الآية 102.

([6]) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب فرض الجمعة، فتح الباري ج2 ص412، برقم (876)

([7]) أخرجه الترمذي في أبواب الصلة، باب ما جاء في ترك الجمعة من غير عذر، سنن الترمذي، ج2 ص373، برقم (500)، صححه الألباني في صحيح الجامع، (٦١٤٠).

([8]) أخرجه مسلم في كتاب الجمعة، باب التغليظ في ترك الجمعة، صحيح مسلم مع شرحه إكمال إكمال المعلم، ج3 ص230، برقم (865).