الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسوله محمد، وعلى آله وأصحابه، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد:
فهذا الشخص كما في السؤال ارتكب ثلاث كبائر هي: فعل الزنى، وشرب الخمر، والإفطار المتعمد في رمضان، وكل هذه الكبائر مما حرمها الله وعظم تحريمها في كتابه العزيز، وفي سنة رسوله محمد ﷺ. وهذا الفعل من الشخص المذكور يعد فسقا لا يفعله إلا من قل إيمانه، وهانت عليه حرمات الله، فالواجب على المسلم أن يستشعر في نفسه الخوف من الله حين ينتهك حرماته، حتى يأمن عذاب الله وعقابه في الدنيا والآخرة.
وعليه في هذه الحال أن يتوب إلى الله توبة نصوحا قبل أن يدركه الأجل عملا بقول الله عز وجل: {إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوَءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِن قَرِيبٍ فَأُوْلَـئِكَ يَتُوبُ اللّهُ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللّهُ عَلِيماً حَكِيما} [النساء: 17]، {وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الآنَ وَلاَ الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ أُوْلَـئِكَ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا} [النساء: 18]. والتوبة شروطها معروفة، وهي: إقلاع العبد عن فعل المحرمات، والندم على ما فعله منها، والعزم على ألا يعود إليها، فإذا توافرت هذه الشروط مع إخلاص النية والصدق في التوبة النصوح؛ فعسى الله أن يتوب على التائب، ويشمله برحمته، ويبدل سيئاته حسنات كما قال عز وجل: {وَالَّذِينَ لاَ يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلاَ يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ وَلاَ يَزْنُونَ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا} [الفرقان: 68]، {يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا} [الفرقان: 69]. {إِلاَّ مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحًا فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ} [الفرقان: 70].
وهل يلزمه قضاء ما تركه من الصيام عمدا؟ لعل القول الراجح أنه لا يلزمه القضاء؛ لأنه ترك الصيام بلا عذر([1]). فهو فعل فعلا خالف به أمر الله عمدا، وهو ترك الصيام فلم يلزمه قضاء ما أُمِر به، لقول رسول الله ﷺ: (من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد)([2]). فلا يلزمه إذا إلا التوبة النصوح.
والله -تعالى- أعلم.