الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسوله الأمين محمد، وعلى آله وأصحابه، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد:
فقد اختلف الفقهاء -رحمهم الله- في وجوب زكاة الزيتون من عدمها، فذهب الأئمة أبو حنيفة ومالك والشافعي في قوله القديم وأحمد في رواية عنه إلى الوجوب؛ لقول الله تعالى-: {وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَ جَنَّاتٍ مَعْرُوشَاتٍ وَغَيْرَ مَعْرُوشَاتٍ وَالنَّخْلَ وَالزَّرْعَ مُخْتَلِفًا أُكُلُهُ وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُتَشَابِهًا وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ كُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ}، [الأنعام/141]، ولأنه يمكن ادخار غلته (الزيت) فأشبه التمر والزبيب.
وذهب الشافعي في قوله الجديد، وأحمد في رواية عنه – وهو المذهب عند الشافعية والحنابلة- إلى عدم الوجوب؛ لأنه لا يدخر يابسًا، فهو كالخضروات، ولأن الآية ليست صريحة في إيجاب الزكاة، وقد ذكر فيها الرمان، ولا زكاة فيه([1]).
قلت: ولأن الزيتون مما يُدخر وينتَج من شجره أطنان كثيرة، يتحول بعضها إلى زيوت تدر أموالًا كثيرة، فالصواب -والله أعلم- وجوب الزكاة فيه، فإذا بلغ الزيتون خمسة أوسق (والوسق ستون صاعًا والصاع يساوي (2،035 إلى 2،6) كيلو غرام ومقدار الزكاة فيه العشر، إذا كان قد سقي بماء المطر أو كان بعلًا، أما إن كان يسقى بالنضح (أي الجهد)، ففيه نصف العشر، ولا يجب خرصه وهو في شجره بل ينتظر بدو صلاحه.
هذا في عموم المسألة: أما عن سؤال الأخ، فالصواب – والله أعلم – وجوب الزكاة فيه.
والله -تعالى- أعلم.
[1] “أحكام القرآن” للجصاص (3/16) ، “المنتقى” للباجي (2/163) ، “المجموع” (5/437) ، “المغني” (2/295) ، “الإنصاف” (3/88) .