صلاة الوتر سنة مؤكدة، وقد داوم عليها رسول الله ﷺ في الحضر والسفر([1]). والأحاديث في فضل الوتر كثيرة، منها حديث بريدة قال: سمعت رسول الله ﷺ يقول: (الوتر حق فمن لم يوتر فليس منا)([2]). ومنها حديث خارجة بن حذافة قال: خرج علينا رسول الله ﷺ ذات مرة غداة فقال: (إن الله قد أمركم بصلاة فهي خير لكم من حمر النعم وهي الوتر فجعلها لكم فيما بين العشاء إلى طلوع الفجر)([3]). وفي فضله قال الإمام أحمد: (من ترك الوتر عمدًا فهو رجل سوء ولا ينبغي أن تقبل له شهادة)([4]).
أما القول بوجوبه فقد حكي عن أبي بكر -رضي الله عنه- ([5]). وعند الأحناف أنه واجب([6]). والصحيح أنه سنة مؤكدة؛ لأن رسول الله ﷺ قال للأعرابي الذي سأله عن الإسلام: (عليك خمس صلوات في اليوم والليلة) فقال: هل علي غيرها؟ قال: (لا إلا أن تطّوع) فقال الرجل: والله لا أزيد على هذا ولا أنقص، فقال رسول الله ﷺ: (أفلح الرجل إن صدق)([7]).
فدل هذا على أن صلاة الوتر ليست واجبة؛ لأن رسول الله ﷺ حدد للأعرابي عدد الصلوات المفروضة، وما زاد عنها فهو تطوع.
([1]) انظر: الكافي لابن قدامة، ج1 ص336.
([2]) أخرجه الإمام أحمد في المسند، ج5 ص357، صححه السيوطي في الجامع الصغير، (٩٦٤٤).
([3]) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب استحباب الوتر، سنن أبي داود، ج2 ص61، برقم (1418)، قال الحاكم في المستدرك على الصحيحين، (١١٦٣): صحيح الإسناد.
([5]) المغني، ج2 ص591، والبناية شرح الهداية للعيني، ج2 ص473.
([6]) انظر: البناية شرح الهداية للعيني، ج2 ص473-474.
([7]) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب بيان الصلوات التي هي أحد أركان الإسلام، صحيح مسلم مع شرحه إكمال إكمال المعلم، ج1 ص130-134.