سؤال من الأخ محمد من الجزائر، يقول: ما حكم من وجد شيئًا في الطريق، سواء كان مالًا أو متاعًا قليلًا أو كثيرًا، كيف يتصرف بهذا المال؟

حكم اللقطة

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبيه ورسوله الأمين محمد، وعلى آله وأصحابه، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد:

فإن اللقطة مال غالبًا ما يكون مطروحًا في الطريق، معرضًا للضياع، ولا يعلم أحد مالكه، فيستحب أخذ هذه اللقطة، إذا كانت في مكان يأمن عليها إذا تركها. أما إذا كانت في مكان لا يأمن عليها، وجب عليه التقاطها،  والأصل فيها ما رواه زيد بن خالد -رضي الله عنه- قال: جَاءَ رَجُلٌ إلى رَسولِ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- فَسَأَلَهُ عَنِ اللُّقَطَةِ، فَقَالَ: اعْرِفْ عِفَاصَهَا ووِكَاءَهَا، ثُمَّ عَرِّفْهَا سَنَةً، فإنْ جَاءَ صَاحِبُهَا وإلَّا فَشَأْنَكَ بهَا، قَالَ: فَضَالَّةُ الغَنَمِ؟ قَالَ: هي لكَ أوْ لأخِيكَ أوْ لِلذِّئْبِ، قَالَ: فَضَالَّةُ الإبِلِ؟ قَالَ: ما لكَ ولَهَا، معهَا سِقَاؤُهَا وحِذَاؤُهَا، تَرِدُ المَاءَ وتَأْكُلُ الشَّجَرَ حتَّى يَلْقَاهَا رَبُّهَا([1]).

أما لقطة الحرم أي مكة المكرمة، فلها حكم خاص، فلا يجوز التقاطها إلا لتعريفها؛ لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: “ولَا يَلْتَقِطُ لُقَطَتَهُ إلَّا مَن عَرَّفَهَا”([2]).

وعلى الملتقط أن يحفظ اللقطة، وتبقى عنده مثل الوديعة، فإذا لم يتعد عليها لم يضمنها إذا تلفت، ويكون تعريفها في الموقع الذي يجتمع فيه الناس كالأسواق، أو عند المجمعات السكنية، فإن جاء صاحبها وبين علاماتها مما يدل على ملكه لها، وجب على الملتقط دفعها إليه، فإن لم يجئ صاحبها خلال سنة جاز للملتقط أن يتصدق بها، أو ينتفع بها لنفسه، والأصل في ذلك ما رواه سويد بن غفلة: لَقِيتُ أُبَيَّ بنَ كَعْبٍ -رَضِيَ اللَّهُ عنْه-، فَقالَ: أخَذْتُ صُرَّةً مِئَةَ دِينَارٍ، فأتَيْتُ النبيَّ -صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ-، فَقالَ: عَرِّفْهَا حَوْلًا، فَعَرَّفْتُهَا حَوْلًا، فَلَمْ أجِدْ مَن يَعْرِفُهَا، ثُمَّ أتَيْتُهُ، فَقالَ: عَرِّفْهَا حَوْلًا فَعَرَّفْتُهَا، فَلَمْ أجِدْ، ثُمَّ أتَيْتُهُ ثَلَاثًا، فَقالَ: احْفَظْ وِعَاءَهَا وعَدَدَهَا ووِكَاءَهَا، فإنْ جَاءَ صَاحِبُهَا، وإلَّا فَاسْتَمْتِعْ بهَا، فَاسْتَمْتَعْتُ، فَلَقِيتُهُ بَعْدُ بمَكَّةَ، فَقالَ: لا أدْرِي ثَلَاثَةَ أحْوَالٍ، أوْ حَوْلًا واحِدًا”([3]).

واللقطة قد تكون طعامًا لا يمكن الانتظار فيه، والتعريف به، فمن وجد مثلًا تمرًا أو نحوه على الطريق أبيح له الانتفاع به، فقد روى أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وجد تمرة على الطريق، فقال: “لولا أني أخاف أن تكون من الصدقة لأكلتها”([4]).

كما أن اللقطة قد تكون من السواقط المنفية، فيباح لمن وجدها الانتفاع بها، والأصل فيه حديث جابر بن عبدالله -رضي الله عنهما- قال: رخَّصَ لنا رسولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- في العصا والسَّوطِ والحبلِ وأشباهِهِ، يلتقطُهُ الرَّجلُ فينتفعُ بهِ([5])

[1] رواه البخاري برقم (2372).

[2] رواه البخاري برقم (1834).

[3] رواه البخاري برقم(2406).

[4] رواه البخاري برقم (2327).

[5] رواه أبو داود برقم (1717) حديث حسن، تخريج أحاديث المشكاة للألباني رقمه (1100).