الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبيه ورسوله الأمين، وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وأما بعد:
فالكلاب عدة أنواع، منها المسالم للإنسان، وقيامه بحراسة الغنم، وحراسة المنازل والمزارع وغيرها، ونوع أصبح يستخدم في كشف الجرائم بالشم، ونوع غير مسالم يهجم على الحيوان والإنسان. وفي حديث عبد الله بن عمر -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-أمر بقتل الكلاب([1]). واقتناء الكلاب إذا كان لغير حاجة مشروعة ينقص من أجر المقتني؛ لما روي عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- عَنْ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: ( مَنْ اقْتَنَى كَلْبًا لَيْسَ بِكَلْبِ صَيْدٍ وَلا مَاشِيَةٍ وَلا أَرْضٍ فَإِنَّهُ يَنْقُصُ مِنْ أَجْرِهِ قِيرَاطَانِ كُلَّ يَوْمٍ )([2]).
وهذا من حيث العموم، أما ما ذكره الأخ السائل عن البيع والاتجار بالكلاب فهذا لا يجوز، والأصل فيه ما رواه عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- أنَّ رَسولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-نَهَى عن ثَمَنِ الكَلْبِ ومَهْرِ البَغِيِّ، وحُلْوَانِ الكَاهِنِ([3]).
فشبه بهذا الثمن مهر البغي وحلوان الكاهن، وهما أجران محرمان لتحريم عملهما. وعلى هذا يمكن القول أن اقتناء الكلب لغرض مشروع، كحراسة الغنم وحراسة البيوت، والاستعانة به في كشف الجرائم فهذا جائز إذا كانت تقتضيه الضرورة، أما قتل الكلاب بصفة عامة فلا يجوز، والمقصود بقتلها الوارد في الحديث المشار إليه هو الكلب العقور لضرره، والأصل في ذلك قول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-(خَمْسُ فَوَاسِقَ يُقْتَلْنَ في الحِلِّ وَالحَرَمِ: الغُرَابُ وَالحِدَأةُ وَالعَقْرَبُ وَالفَأرَةُ وَالكَلْبُ العَقُورُ)([4]).
فالحاصل: عدم جواز الاتجار في الكلاب واقتنائها، أو قبول ثمنها ما لم يكن ذلك للحراسة وضرورتها.
والله -تعالى- أعلم.
[1] أحمد (5/ 54، 56)، وأبو داود (2845)، والنسائي (7/ 185)، والترمذي (1486)، وقال: حسن صحيح.
[2] أخرجه مسلم برقم(1575).
[3] أخرجه البخاري برقم(2237).
[4] رواه البخاري( 3136) ومسلم ( 1198 ).