الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد:
فالأصل أن ما يدخل جوف الصائم من طعام أو شراب ونحوه يبطل الصيام، فالمفترض في الصائم أن يكون متماسكًا من وقت سحوره إلى وقت إفطاره، فإذا دخل في جوفه شيء يقويه خلال هذه المدة بطل صيامه، فالأصل أن الصيام طاعة لله -عز وجل- فيما أمر به في قوله: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [البقرة:183]. ومن الحكمة في الصيام الصبر على الطاعة، وما يجب أن يكون عليه شعور المسلم تجاه إخوته، ممن يصعب عليهم الحصول على الطعام والشراب.
هذا في العموم، أما سؤال الأخ فقد يقال إن تذوق المرأة الصائمة للطعام ليس فيه ما يدخل جوف الصائم ولا يقويه، فالأصل الإباحة، وقد يقال إن تذوق الطعام قد يتبخر إلى الحلق، والمفروض ألا يدخل جوف الصائم أي شيء، ثم إن تذوق الطعام فيه ترطيب للفم، والمفترض ألا يكون هذا الترطيب بل يبقى الفم على حاله من الجفاف؛ لقول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (والذي نفسي بيده لخلوف فم الصائم أطيب عند الله – تعالى- من ريح المسك)([1]). فالأمر بين هذين القولين، فإذا كانت المرأة الصائمة أرادت أن تتذوق الطعام، دون أن يدخل إلى جوفها شيء منه فلا بأس به، وإن أرادت ألا تفعل وتكتفي بمعرفتها وحسها عما تريد معرفته عن الطعام فلا بأس بذلك أيضًا، وهذا ينطبق على الصائم في أثناء صيامه.
والله -تعالى- أعلم
[1] – أخرجه البخاري برقم (1894).