سؤال من الأخ محمد من الجزائر، يقول: كيف تكون صلاة الشخص الذي يرتدي حفاظات طول النهار؛ لكونه مريضًا وكبيرًا في السن، ولا يستطيع تغييرها في كل صلاة؟

حكم صلاة الشخص الذي يرتدي الحفاظات

       الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسوله محمد، وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد:

    فظاهر السؤال أن الشخص الذي أشارت إليه الأخت مريض وكبير في سنه، ويرتدي حفاظة، ولا يستطيع الوضوء لكل صلاة لمرضه، قد يكون المراد به من يعاني من سلس البول، ويعرف عند الفقهاء بأنه استرسال الخارج دون اختيار،من بول أو غائط أو ريح(غازات)، وهو شبيه بالاستحاضة عند المرأة، وغالب أقوال الفقهاء على أنه يلزم من به هذا السلس أن يشد ويعصب على مخرج السبيل ويتوضأ لكل صلاة([1])، وقال المالكية هذا يستحب ولا يجب([2]).

  والمصاب بهذا المرض تجب معاملته معاملة المرضى، وله ثلاث حالات:

أولها- أن يتوضأ بعد دخول وقت الصلاة، فيصلي بهذا الوضوء الصلاة إلى حين دخول وقت الصلاة الأخرى، ثم يتوضأ، وهذا كما تقول للأخت السائلة ما لا يستطيعه؛ لمرضه وكبر سنه.

الحالة الثانية- إذا كان لا يستطيع الوضوء لكل صلاة؛ بسبب عدم مقدرته، فيتوضأ بعد دخول الوقت، ويصلي بوضوئه خمسة فروض يجمعها مثل المسافر.

الحالة الثالثة: إذا كان لا يستطيع الحركة أو يستطيعها بمشقة بالغة فيتيمم وهو على فراشه؛ لقول رسول الله – صلى الله عليه وسلم -:( صَلِّ قَائِمًا، فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَقَاعِدًا، فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَعَلَى جَنْبٍ)([3])، وقال:( وقال صَلِّ على الأرضِ إنِ استطعتَ وإلا فأَوْمِئْ إيماءً واجعل سجودكَ أخفضَ من ركوعِكَ) ([4])،والأصل في كل هذا رأفة الله بعباده، ورحمته لهم، وعدم تكليفهم بما لا يستطيعون، قال -عز وجل-: (لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا)(البقرة:286)، وقال: (وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ) (الحج:78). والله – تعالى- أعلم.

 

[1] (البحر الرائق)) لابن نجيم (1/227)، ((مغني المحتاج)) للشربيني (1/111) و((الإنصاف)) للمرداوي (1/269)، وينظر: ((الشرح الكبير)) لابن قدامة (1/354).

[2] ((مواهب الجليل)) للحطاب (1/205)، ((حاشية العدوي)) (1/136).

[3] رواه البخاري ((1117)).

[4] نصب الراية للزيلعي 2/175، وصححه الألباني في سلسلة الأحاديث الصحيحة (323).