سؤال من الأخ محمد من الجزائر، يقول: أنا أعمل في التجارة، وأقوم كل شهر بإخراج نسبة من الأرباح لله، وتزيد وتقل حسب الأرباح، فأوزع الصدقة ويتبقى معي فلوس، وأفكر أن أشتري ذبيحة وأذبحها لله. هل يجوز لي أن نأكل منها في بيتنا؟

حكم أكل المتصدق وأهل بيته من الذبيحة التي نواها لله

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا ورسولنا محمد، وعلى آله وأصحابه، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد:

فإن الله -عز وجل- يحب أن يرى أثر نعمته على عبده، وما يقتضيه هذا الأثر من حمده وشكره، ومن هذه النعم أن يكون طعامه طيبًا وملبسه ومركبه طيبًا، وكذا طعام أهله ومن تحت يده، فإن كان قادرًا. وبخل على نفسه أو أهله كان هذا جحودًا لنعم الله عليه؛ وفي هذا قال الله -عز وجل-: {وَمَن يَبْخَلْ فَإِنَّمَا يَبْخَلُ عَن نَّفْسِهِ ۚ}، [محمد:38]، وقد ذم الله البخلاء في قوله -عز ذكره-: {الَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ وَيَكْتُمُونَ مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ ۗ وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُّهِينًا}، [النساء:37].

هذا في العموم، أما في سؤال الأخ، فإن العبد إذا تصدق بصدقة تطوع، كما إذا ذبح ذبيحة؛ قربة لله استحب له أن يأكل منها هو وأهله، فما ينفعه على نفسه وعلى أهله يعد صدقة، وله فيها أجر، والأصل في هذا قول الله -عز وجل-: {وَمَا أَنفَقْتُم مِّن شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ ۖ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ}، [سبإ:39] وقوله تعالى: {وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ}، [البقرة:233]، هذا في كتاب الله، أما في سنة رسوله محمد -صلى الله عليه وسلم- فما رواه أبو هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (دينار أنفقته في سبيل الله ودينار أنفقته في رقبة، ودينار تصدقت به على مسكين، ودينار أنفقته على أهلك، أعظمها أجرًا الذي أنفقته على أهلك)([1])، وقوله -عليه الصلاة والسلام-: (إنك مهما أنفقت على أهلك من نفقة فإنك تؤجر، حتى اللقمة تضعها ترفعها إلى في امرأتك)([2]).

فالحاصل جوابًا للأخ السائل أنه يستحب أن يأكل هو أهله من ذبيحته، وله كذلك أن يطعم منها من يشاء من أقاربه وجيرانه، ففي كل هذا أجر وبر.

والله – تعالى- أعلم.

 

([1]) أخرجه مسلم برقم: (995).

([2]) رواه البخاري 3/164 ومسلم 1628.