سؤال من الأخ محمد ضياء.. من الجزائر، يقول: الزوجة التي تمتنع عن معاشرة الزوج، ولا تستجيب له في الفراش، هل تسقط نفقتها؟

نشوز الزوجة وما إذا كانت تستحق النفقة

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسوله الأمين محمد، وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد:

فالنشوز في اللغة : من النشز، وهو: المكان المرتفع، كالنشاز والنشز، يقال: نشز الشيء نشزًا ونشوزًا: ارتفع، ونشزت المرأة تنشز: عصت زوجها وامتنعت عليه. ويقال: نشز به ومنه وعليه، فهو ناشز، وهي ناشز وناشزة، والجمع نواشز. ([1])

 وفي الاصطلاح، عرفه الحنفية بأنه: خروج الزوجة من بيت زوجها بغيـر حق. ([2]) وعرفه المالكية والشافعية والحنابلة بأنه: خروج الزوجة عن الطاعة الواجبة للزوج ([3]).

فالمعنى  أن النشوز هو عصيان الزوجة لزوجها، والأصل فيه قول الله -تعالى- : ( وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ ۖ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا)(النساء:34). والمعنـى أن الزوجة  إذا عصت زوجها وجب تعريفها بحق الزوج، وما يقتضيه من المعاشرة بالمعروف، فإن لم تنته فيهجرها هجرًا جميلًا، فإن لم تنته فليضربها ضربًا غيـر مبـرح، قال ابن عباس -رضي الله عنهما- : الضرب بالسواك ([4]).ثم قال -عز وجل- : (وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِّنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِّنْ أَهْلِهَا إِن يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا ۗ)(النساء:35) . فالمراد أنه إذا تعددت الموعظة والهجر وأصبح الشقاق قائمًا بينهما رفع الأمر إلى الحاكم؛ ليعين حكمًا من أهل الزوجة وحكمًا من أهله؛ للتوفيق والصلح بينهما .

 هذا في عموم المسألة، أما عن سؤال الأخ، فالأصل أنه في حال نشوز الزوجة يسقط حقها في النفقة، ولكن يجب على الحاكم البحث عن أسباب النشوز، فقد يكون سببه الزوج وعدم قدرته على معاشرة زوجته بالمعروف، وقد يكون له أسباب أخرى، فمع أن الواجب طاعة الزوجة لزوجها بحكم القوامة التـي قال الله فيها : (الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ)(النساء:34). إلا أن الواجب على الزوج الإحسان لزوجته ومعاشرتها بالمعروف، فإن عصت فليس لها حق النفقة.

قلت: فإذا كانت تسكن معه وليس لها مورد رزق أو ولد، وجب علـى الزوج الإنفاق عليها؛ لأنها محبوسة عنده؛ ولأن الطعام والشراب والكساء من الضرورات الشرعية المنوطة بحفظ النفس، ويستمر الأمر كذلك إلى أن تحل المشكلة بينهما عن طريق الحكمين.

                            والله -تعالى- أعلم .

[1] – القاموس المحيط، والمعجم الوسيط، والمصباح المنير، ولسان العرب مادة (نشز).

[2] -الدر المختار ورد المحتار 2 / 646.

[3] -الشرح الكبير بهامش حاشية الدسوقي 2 / 343، والشرح الصغير 2 / 511، وحاشية القليوبي 3 / 299، والمغني 7 / 46.

[4] –  جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 8/315.