الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا ورسولنا محمد، أما بعد:
فظاهر السؤال عن الإقامة الدائمة في البلاد الأوربية.
والجواب أن انتقال الإنسان بين البلدان ظاهرة أزلية منذ وجود الإنسان على الأرض، ولهذا الانتقال أسباب عديدة تتعلق بالإنسان نفسه في دينه أو رزقه أو حياته في بلاده، أو يضطر إلى الانتقال من بلده إلى بلد آخر يجد فيها بغيته، فالمسلمون هجروا مكة لما ضيق عليهم المشركون في دينهم، ولجؤوا إلى الحبشة عندما علموا عن العدل فيها، واستقروا فيها إلى أن جاء نصر الله لهم، فكانت هجرتهم من أجل دينهم، والمسلمون الذين هاجروا إلى آسيا لطلب الرزق سكنوا فيها واستقروا؛ فرارًا من ضيق عيشهم في بلادهم، فكان في ذهابهم خير للإسلام، كما حدث في إسلام أهل أندونيسيا وغيرها من بلاد المسلمين، والانتقال بين البلدان ليس أمرًا سهلًا على من ينتقل من بلده؛ لكونه يترك أقاربه وأصهاره وبلاده، وقد أثر عن علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- قوله: (إن من حسن حظ الإنسان أن يكون رزقه في بلده)([1]).
هذا في عموم المسألة، أما عن سؤال الأخ حول الإقامة الدائمة في البلاد الأجنبية فالأفضل أن يكون الانتقال إلى بلد من بلاد المسلمين، إذا تيسر له ذلك؛ حرصًا على النشء، وخشية من الآثار التي تنعكس عليهم من جراء الإقامة الدائمة؛ لأن الإنسان يتأثر بالمحيط الذي يعيش فيه، فإن وجد أنه لا بد له من الانتقال من بلد أجنبي للإقامة فيه فلينتقل إلى بلد يستطيع أن يمارس شعائره الدينية.
والله -تعالى- أعلم.
([1]) أخرجه ابن عساكر في تاريخه، برقم: (6717)، (54/178)، وضعفه الألباني في السلسلة الضعيفة، برقم: (759)، (2/181-182).