الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبيه ورسوله الأمين، وعلى آله وأصحابه، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد:
فإن من قواعد الإسلام انضباط المسلم في حركاته، سواء كانت هذه الحركات تتعلق بعبادته أو في مختلف حياته، وقد أحب الله -عز وجل- المقاتلين وهم متراصون في صفوفهم، فقال -عز ذكره-:(إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُم بُنْيَانٌ مَّرْصُوصٌ)(الصف:4).
لهذا يجب في الصلاة متابعة المأموم للإمام، في الركوع والسجود وفي غيرهما، كما تحرم مسابقته بأي حركة من الحركات، والأصل فيه قول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (إنما جعل الإمام ليؤتم به، فلا تختلفوا عليه، فإذا ركع، فاركعوا، وإذا قال: سمع الله لمن حمده، فقولوا: ربنا لك الحمد، وإذا سجد فاسجدوا، وإذا صلى جالسًا، فصلوا جلوسًا أجمعون، وأقيموا الصف في الصلاة، فإن إقامة الصف من حسن الصلاة)([1])، وفي رواية أخرى: (إنَّما جُعِلَ الإمامُ ليؤتمَّ به، فإذا كبَّر فكبِّروا، وإذا قرأَ فأَنصِتوا، وإذا قال: غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ، فقولوا: آمِينَ، وإذا ركَع فارْكعوا، وإذا قال: سمِعَ اللهُ لِمَن حمِدَه، فقولوا: اللهمَّ ربَّنا ولك الحمد، وإذا سجَد فاسجدُوا، وإذا صلَّى جالسًا، فصلُّوا جلوسًا أجمعينَ)([2]) .
كما تحرم مسابقة المأموم لإمامه، والأصل فيه قول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-:(أيها الناس، إني إمامكم، فلا تسبقوني بالركوع ولا بالسجود، ولا بالقيام ولا بالانصراف، فإني أراكم أمامي ومن خلفي» ثم قال: «والذي نفس محمد بيده، لو رأيتم ما رأيت لضحكتم قليلًا ولبكيتم كثيرًا» قالوا: وما رأيت يا رسول الله؟ قال: «رأيت الجنة والنار)([3]). وقوله -عليه الصلاة والسلام-:( أما يخشى أحدكم – أو: لا يخشى أحدكم – إذا رفع رأسه قبل الإمام، أن يجعل الله رأسه رأس حمار، أو يجعل الله صورته صورة حمار)([4]).
وبناء على ما ذكر؛ اتفق جمهور العلماء على أن سبق المأموم لإمامه في تكبيرة الإحرام أو السلام مبطل للصلاة، وعند الإمام أحمد أن سبق المأموم لإمامه مبطل لصلاته )([5]). وهذا هو الصواب؛ بدلالة الحديث الآنف الذكر:( إنما جعل الإمام ليؤتم به… ) فإذا تجاوز المأموم أمامه لم يعد لهذا معنى .
فالحاصل: أن على المأموم أن يكبر بعد كل تكبيرة يكبرها الإمام ولا يسبقه في ذلك.
[1] – أخرجه البخاري برقم (722).
[2] – رواه البخاري (734)، ومسلم (414).
[3] – أخرجه مسلم برقم (426).
[4] – أخرجه البخاري برقم (691).
[5] – المغني 1/378.