الأصل في هذه المسـألة قول الله في كتابه العـزيز: {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ} [التوبة:60].
والغارم أو الغريم في اللغة المدين أو صاحب الدين([1]). والأصل فيها أيضًا ما رواه أنس رضي الله عنه: أن رسول الله r قال: إن المسألة لا تحل إلا لأحد ثلاثة: لذي فقر مدقع([2])، أو لذي غرم مفظع([3])، أو لذي دم موجع([4])([5]) وكذا ما رواه قبيصة بن مخارق الهلالي -رضي الله عنه- قال: تحملت حمالة فأتيت رسول الله r أسأله فيها، فقال: أقم حتى تأتينا الصدقة، فنأمر لك بها، ثم قال: يا قبيصة إن المسألة لا تحل إلا لأحد ثلاثة: رجل تحمل حمالة فحلت له المسألة حتى يصيبها ثم يمسك، ورجل أصابته جائحة اجتاحت ماله فحلت له المسألة حتى يصيب قوامًا من عيش – أو قال سدادًا من عيش -، ورجل أصابته فاقة حتى يقول ثلاثة من ذوي الحجا من قومه: لقد أصابت فلانا فاقة، فحلت له المسألة، حتى يصيب قوامًا من عيش – أو قال سدادًا من عيش، فما سواهن من المسألة يا قبيصة فسحت يأكلها صاحبها سحتًا.([6]) وينبني على هذا أنه لا خلاف بأن الجاني في السؤال مسؤول بماله عن دية العمد التي حكم بها عليه، فإن لم يكن له مال فيجوز صرف الزكاة له، للوفاء بهذه الدية؛ لأنه من الغارمين المستحقين للزكاة.([7])
وخلاصة المسألة: أن المغارم (المدين) أحد الأصناف الذين ورد النص في الكتاب والسنة على استحقاقه للزكاة، فالجاني في السؤال مسئول بماله عن دية العمد المترتبة عليه، فإن لم يكن له مال جاز صرف الزكاة له للوفاء بهذه الدية.
([2]) الفقر المدقع يعني الشديد.
([3]) الغرم المفظع يعني الشنيع.
([4]) الدم الموجع المراد به من يتحمل دية لأولياء المقتول فإن لم يؤدها قتل.
([5]) أخرجه أبو داود في كتاب الزكاة، باب ما تجوز فيه المسألة برقم (1641)، قال الألباني في صحيح الترغيب، (٨٣٤): صحيح لغيره.
([6]) أخرجه مسلم في كتاب الزكاة، باب من تحل له الزكاة برقم (1044).
([7]) ينظر في هذا تفسير القرآن العظيم لابن كثير ج2ص 348 والجامع لأحكام القرآن للقرطبي ج7ص183-185 ومغنى المحتاج للشربيني الخطيب ج3 ص 110 وكشاف القناع عن متن الاقناع للبهوتي ج2 ص288.