الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه أجمعين، أما بعد:
فإن الله -عز وجل-أوجب الزواج في كل مخلوقاته؛ تحقيقًا لحكمته في الخلق، فقال -عز ذكره -:( وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا وَجَعَلَ لَكُم مِّنْ أَزْوَاجِكُم بَنِينَ وَحَفَدَةً)(النحل:72) وجعل هذا الزواج من آياته العظيمة، فقال -تقدس اسمه- 🙁 وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ)(الروم:21) ومنع الزواج مما يخالف حكمة الله في خلقه، ويأثم مانعه إثمًا عظيمًا، وقد ذكرنا من قبل قصة أخت معقل بن يسار -رضي الله عنه- فقد تزوجت أخته ثم طلقت وعاد زوجها للزواج منها فأبى أخوها معقل، فنزل فيه قول الله -تعالى- : (وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ أَن يَنكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ إِذَا تَرَاضَوْا بَيْنَهُم بِالْمَعْرُوفِ ذَٰلِكَ يُوعَظُ بِهِ مَن كَانَ مِنكُمْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَٰلِكُمْ أَزْكَىٰ لَكُمْ وَأَطْهَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ)(البقرة:232). فقال معقل :رضيت بحكم الله وزوجها، وفي هذه الآية حكم بتحريم عضل المرأة بكرًا كانت أم ثيبًا، وفي هذا الحكم موعظة للمؤمنين الذين يؤمنون بالله واليوم الآخر، ومن يعضل موليته فهو على الضد من هؤلاء الذين ذكرهم الله.
فالحاصل: أنه لا يجوز للأب ولا للإخوة المشار اليهم في السؤال عضل موليتهم ،فإن أبوا وعضلوها فلها الحق أن تطلب الزواج، ويتولى ولايتها أحد عصبتها الأقربين، فإن لم يكونوا فيزوجها القاضي؛ لأنه في مقام ولي الأمر الذي يعد وليًّا لمن لا ولي له.
وأرجو الله -عز وجل-أن يهدي هؤلاء ويوفقهم لتزويج موليتهم، فهي أمانة عندهم، والمؤمنون هم الذين يحافظون على الأمانة التي ائتمنهم الله عليها. إنه ولي ذلك والقادر عليه .