الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسوله محمد، وعلى آله وأصحابه، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد:
فإذا قبل الزوج زوجته في شهر رمضان فله احتمالات ثلاثة: الاحتمال الأول: إذا قبل فأنزل منيا فسد صومه؛ لأنه والحالة هذه كمن جامع، والجماع من مبطلات الصوم.
الاحتمال الثاني: أن يقبل ولا ينزل منيا، فهذا لا يفسد صومه لما روته أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- أن رسول الله ﷺ كان يقبل وهو صائم([1]). وما رواه جابر بن عبد الله قال: قال عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-: هششت فقبلت وأنا صائم فقلت: يا رسول الله، صنعت اليوم أمرا عظيما فقبلت وأنا صائم، قال: (أرأيت لو تمضمضت من الماء وأنت صائم) قلت: لا بأس به، قال: (فمه)([2]).
الاحتمال الثالث: أن يقبل ولا يمني ولكن يمذي، فهذا فيه خلاف
، فعند الإمامين أبي حنيفة([3]) والشافعي([4]) لا يفطر؛ لأنه أشبه بالبول. وعند الإمامين مالك([5]) وأحمد([6]) يفطر؛ لأن ما خرج منه بعد القبلة تخللته الشهوة فأبطل الصوم، حكمه في ذلك حكم المني.
قلت: والمعيار في ذلك أن ما يخرج من الزوج من مني نتيجة القبلة أو اللمس يفسد صومه، والناس يختلفون في ذلك فمنهم من يقبل ولا يتأثر، ومنهم من هو عكس ذلك، وقد روى أبو هريرة أن رجلا سأل رسول الله ﷺ عن المباشرة فرخص له، وأتاه آخر فلم يرخص له([7])، والفارق بينهما أن من رخص له كان شيخا ومن نهاه كان شابا، والمرأة في ذلك مثل الرجل.
والله -تعالى- أعلم.
([1]) أخرجه البخاري في كتاب الصوم، باب القُبلة للصائم، فتح الباري، ج4 ص180، برقم (1928).
([2]) أخرجه أبو داود في كتاب الصوم، باب القبلة للصائم، سنن أبي داود، ج2 ص311، برقم (2385)، حسنه ابن حجر العسقلاني في موافقة الخبر الخبر، (٢/٣٥٩).
([3]) حاشية ابن عابدين، ج2 ص395-396، 417.
([4]) الحاوي الكبير للماوردي، ج3 ص294-296.
([5]) الكافي لابن عبد البر ص124، والمعونة للبغدادي، ج1 ص476، والمغني لابن قدامة، ج4 ص361.
([6]) المغني لابن قدامة، ج4 ص361.
([7]) أخرجه أبو داود في كتاب الصوم، باب كراهيته للشاب، سنن أبي داود، ج2 ص312، برقم (2387)، وأخرجه ابن ماجة في كتاب الصيام، باب ما جاء في المباشرة للصائم، سنن ابن ماجة، ج1 ص539، برقم (1688)، قال الألباني في صحيح أبي داود،(٢٣٨٧): حسن صحيح.