سؤال من الأخ… لخضر من الجزائر، حول حكم من يصل مكة بعد الوقوف بعرفة.

حكم من أتى مكة بعد الوقوف بعرفة.

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وصحبه أجمعين، وبعد،،

فالوقوف بعرفة ركن من أركان الحج لا يصح إلا به، والأصل في ذلك قول رسول الله r: (الحج عرفة فمن جاء قبل صلاة ليلة جمع فقد تم حجه)([1]) . وقوله -عليه الصلاة والسلام-: (لا يفوت الحج حتى يطلع الفجر ليلة جمع)([2])، فأوله من طلوع الفجر يوم عرفة؛ فمن أدرك عرفة في شيء من هذا الوقت فقد تم حجه.

وفي حديث عروة بن مضرس بن حارثة بن لام الطائي قال: أتيت رسول الله r بالمزدلفة حين خرج إلى الصلاة، فقلت: يا رسول الله إني جئت من جبل طيء، أكللت راحلتي وأتعبت نفسي، والله ما تركت من جبل إلا وقفت عليه، فهل لي من حج؟ فقال رسول الله r: (من صلى معنا صلاة الغداة ووقف معنا حتى نفيض وقد أتى عرفات قبل ذلك ليلًا أو نهارًا فقد تم حجه وقضى تفثه)([3]).

وينبني على هذا أن من فاته الوقوف بعرفة بعد طلوع الفجر الثاني من يوم النحر فقد فاته الحج، وعليه الإحلال بعمرة لقول رسول الله r: (من وقف بعرفات بليل فقد أدرك الحج ومن فاته عرفات بليل فقد فاته الحج فليحل بعمرة وعليه الحج من قابل)([4]).

وعلى هذا فإذا كان الأخ السائل أتى مكة بعد طلوع الفجر الثاني من يوم النحر فقد فاته الحج، وعليه أن يحل بعمرة.

ومن الجدير بالقول إن إدراك يوم عرفة قبل طلوع الفجر الثاني من يوم النحر لا يعني أن يمكث الحاج في مكانه، ثم يأتي أول الليل أو آخره يشهد الوقوف بعرفة، فالأصل أن يكون الوقوف من أول يومها أو من وقت الزوال في ذلك اليوم؛ ذلك أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وقف في حجة الوداع بعد أن صلى الظهر إلى أن غربت الشمس وقال: (خذوا عني مناسككم)([5]).

فالأصل إذًا هو الوقوف بعرفة نهارًا، ما لم يعرض للحاج عارض يمنعه كمرض، أو تعطل سير أو نحو ذلك، وفي هذه الحال يدرك الوقوف إذا وقف بها قبل طلوع الفجر الثاني من يوم النحر.

والله تعالى أعلم.

([1]) أخرجه ابن ماجه في كتاب المناسك، باب من أتى عرفة قبل الفجر ليلة جمع، سنن ابن ماجه، ج٢ ص٣٠٠١، برقم (٥١٠٣)، صححه الألباني في صحيح ابن ماجه (٢٤٥٩).

([2]) أخرجه البيهقي في كتاب الحج، باب إدراك الحج بإدراك عرفة قبل طلوع الفجر من يوم النحر، السنن الكبرى، ج٥ ص٤٧١، قال الألباني في إرواء الغليل (١٠٦٥): لم أقف على إسناده.

([3]) أخرجه أبو داود في كتاب المناسك، باب من لم يدرك عرفة، سنن أبي داود، ج٢ ص٦٩١-٧٩١، برقم (٠٥٩١)، وأخرجه ابن ماجه في كتاب المناسك، باب من أتى عرفة قبل الفجر ليلة جمع، سنن ابن ماجه، ج٢ ص٤٠٠١، برقم (٦١٠٣)، صححه الألباني في صحيح النسائي، (٣٠٤٣).

([4]) أخرجه البيهقي في كتاب الحج، باب ما يفعل من فاته الحج، السنن الكبرى، ج٥ ص٥٧١، قال الدارقطني في سننه، فيه رحمه بن مصعب ضعيف ولم يأت به غيره. (4/ 974).

([5]) سنن البيهقي ج5 ص ١٢٥، نيل الأوطار للشوكاني ج5 ص ١٤٣، صححه الألباني في صحيح الجامع، (٧٨٨٢).