سؤال من الأخ” ك.ي.ل” من الجزائر يقول: سؤالي إليكم فضيلة الشيخ فيما يخص الحجامة في رمضان، أنا تحجمت ماذا يترتب على وبارك الله فيكم؟

الحجامة أثناء الصيام

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا ورسولنا محمد، أما بعد:

ففي مسألة الحجامة للصائم خلاف بين بعض أهل العلم فهناك قول بأنها لا تفطر الصائم([1])، وقول آخر بأنها تفطره([2]). والجمهور من العلماء على أنها لا تفطر فيما رواه عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- :”احتجم وهو صائم”([3])، وكما ورد عنه -عليه الصلاة والسلام- فيما رواه شدَّادِ بنِ أوسٍ رَضِيَ اللهُ عنه أنه قال: (أفطر الحاجم والمحجوم)([4]) ولعل قول جمهور العلماء هو الراجح؛ لأن المعيار في الإفطار ما يدخل إلى جوف الصائم، ويقويه أثناء الصيام كالأكل والشرب وادخال الدم والمغذيات الطبية ونحو ذلك مما يقوي الجسم، أما الشيء الذي يخرج من الجسم كالحجامة فهذا لا يغذيه، ولا يعد لك مفطرا للصائم.

ومع ذلك فلعل الأفضل للصائم أخذ الحيطة والخروج من الخلاف، وذلك بأن يحتجم بعد نهاية صيامه أو في الليل حين يكون مفطرا، أما إذا كان لا بد له من الحجامة في النهار وهو صائم؛ فلعله لا حرج في ذلك إن شاء الله.

فالحاصل خروجا من الخلاف: أن للصائم أن يحتاط فإذا كان لا بد له من الحجامة أثناء الصوم، فلا بأس أما إن كان يستطيع الحجامة في الليل أو بعد الصيام فهو الأحوط.

والله تعالى أعلم.

 

[1] -الهداية للمرغيناني (1/122)، وينظر: بدائع الصنائع للكاساني (2/107)، وفتح القدير للكمال ابن الهمام (2/330) والتاج والإكليل للمواق (2/441)، وينظر: المدونة لرواية سحنون (1/270). قال ابنُ عبدِ البَرِّ: (وهو قول الثوري… وقال أبو ثور: أحبُّ إليَّ ألَّا يحتجِمَ أحدٌ صائمًا، فإنْ فعَلَ لم يُفطِرْ، وهو باقٍ على صَومِه)و الاستذكار (10/129) والمجموع للنووي (6/349)، وينظر: الأم للشافعي (2/106).

[2] -الإنصاف للمرداوي (3/214)، وينظر: والشرح الكبير لشمس الدين ابن قدامة (3/40).

[3] -أخرجه البخاري (1938) واللفظ له، ومسلم (1202).

[4] -أخرجه أبو داود (2/308) (2369), والنسائي في الكبرى (3126), وابن ماجه (1681)،و أحمد (4/122) الحديث صححه البخاري في العلل الكبير (121)، فقال: ليس في هذا الباب شيء أصح من حديث شداد بن أوس وثوبان كلاهما عندي صحيح، وصححه علي بن المديني وإسحاق بن راهويه والإمام أحمد، كما في تنقيح التحقيق للذهبي ( 2/319)، والدارمي كما في السنن الكبرى (4/265)، وابن القيم في تهذيب السنن (6/495)، والألباني في صحيح أبي داود (2369).