الأذكار في الصلاة كثيرة منها: الذكر في الركوع: فيقول المصلي )سبحان ربي العظيم(، وأقله واحدة وأكثره عشر، لما رواه مسلم وأهل السنن أن رسول الله ﷺ كان يقول في ركوعه: (سبحان ربي العظيم)([1]). ويجوز أن يقول: (اللهم لك ركعت، وبك آمنت، ولك أسلمت، أنت ربي، خشع لك سمعي وبصري ومخي وعظمي وعصبي، وما استقلت به قدمي لله رب العالمين)([2]). وله أن يقول في ركوعه وسجوده: (سبوح قدوس رب الملائكة والروح)([3]). وله أن يقول في الركوع والسجود: (سبحانك اللهم ربنا وبحمدك اللهم اغفر لي)([4]).
وإذا رفع من الركوع يقول: )اللهم ربنا لك الحمد( بعد أن يقول الإمام )سمع الله لمن حمده(. والأصل فيه ما رواه أبو هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله ﷺ قال: (إذا قال الإمام سمع الله لمن حمده، فقولوا اللهم ربنا ولك الحمد)([5]). وقد يزيد على ذلك لما رواه رفاعة بن رافع قال: كنا نصلي يومًا وراء رسول الله ﷺ، فلما رفع رأسه من الركوع، وقال: (سمع الله لمن حمده)، قال رجل كان يصلي وراءه: ربنا لك الحمد حمدًا كثيرًا طيبًا مباركًا فيه. فلما انصرف رسول الله ﷺ من الصلاة قال: (من المتكلم آنفًا؟) فقال الرجل: أنا يا رسول الله، فقال رسول الله: (لقد رأيت بضعة وثلاثين ملكًا يبتدرونها أيهم يكتبها أولًا)([6]). وقد يقول المصلي بعد الرفع من الركوع: (اللهم لك الحمد، ملء السماء والأرض، وملء ما شئت من شيء بعد، اللهم طهرني بالبرد والثلج، اللهم طهرني من الذنوب ونقني منها، كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس)([7]). وقد يقول (اللهم ربنا لك الحمد ملء السماوات، وملء الأرض، وملء ما شئت من شيء بعد، أهل المجد والثناء أحق ما قال العبد، وكلنا لك عبد، لا مانع لما أعطت، ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد)([8]).
وفي السجود يستحب للمصلي أن يقول في سجوده: )سبحان ربي الأعلى( وأقله مرة وأكثره عشر([9]). فقد كان رسول الله ﷺ يقول في سجوده: (سبحان ربي الأعلى)([10]). وكان تارة يقول: (اللهم أعط نفسي تقواها، وزكها أنت خير من زكاها، أنت وليها ومولاها)([11]). وكان تارة يقول: (اللهم إني أعوذ برضاك من سخطك، وبعفوك من عقوبتك، وبك منك لا أحصي ثناء عليك، أنت كما أثنيت على نفسك)([12]). ومرة يقول: (اللهم اغفر لي ذنبي كله، دقه وجلَّه، وأوله وآخره، وعلانيته وسره)([13]).
وفي التشهد الأخير عَلّمَ رسول الله ﷺ أصحابه التشهد ثم قال: (ثم لتختر من المسألة ما تشاء)([14]). وكان -عليه الصلاة والسلام- يدعو في الصلاة: (اللهم إني أعوذ بك من عذاب القبر، وأعوذ بك من فتنة الدجال، وأعوذ بك من فتنة المحيا والممات، اللهم إني أعوذ بك من المأثم والمغرم)([15]). ولما سأله أبو بكر -رضي الله عنه- أن يعلمه دعاء، يدعو به في الصلاة قال: (قل اللهم إني ظلمت نفسي ظلمًا كثيرًا، ولا يغفر الذنوب إلا أنت، فاغفر لي مغفرة من عندك، وارحمني إنك أنت الغفور الرحيم)([16]).
وبعد الفراغ من الصلاة يسن للمصلي أن يقول: )استغفر الله( ثلاثًا؛ لأن رسول الله ﷺ كان يفعله، ويقول: (اللهم أنت السلام ومنك السلام تباركت يا ذا الجلال والإكرام)([17]). وكان -عليه الصلاة والسلام- يقول في دبر كل صلاة: (لا إلَه إلا الله وحده لا شريك له له، الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، لا حول ولا قوة إلا بالله، ولا نعبد إلا إياه أهل النعمة والفضل والثناء الحسن، لا إلَه إلا الله مخلصين له الدين، ولو كره الكافرون)([18]).
وقال -عليه الصلاة والسلام-: (من سبح الله دبر كل صلاة ثلاثًا وثلاثين، وحمد الله ثلاثًا وثلاثين، وكبر الله ثلاثًا وثلاثين، فتلك تسع وتسعون، ثم قال تمام المائة لا إلَه إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، غفرت خطاياه وإن كانت مثل زبد البحر)([19]).
قلت: هذه بعض الأدعية والأذكار التي وردت عن رسول الله ﷺ ومع أن للمسلم أن يدعو بما شاء لقوله -عليه الصلاة والسلام- فيما رواه ابن مسعود: (ولك أن تختار من المسألة ما تشاء)، إلا أن الدعاء بالأدعية المأثورة أفضل وأقرب للإجابة.
وأما الأذكار عند النوم، فقد روى حذيفة بن اليمان -رضي الله عنه-
أن النبي ﷺ إذا أوى إلى فراشه قال: (باسمك أموت وأحيا)، وإذا قام قال: (الحمد لله الذي أحيانا بعدما أماتنا وإليه النشور)([20]). وما رواه أيضًا البراء بن عازب أن النبي ﷺ أوصى رجلًا فقال: (إذا أردت مضجعك، فقل: اللهم أسلمت نفسي إليك، وفوضت أمري إليك، ووجهت وجهي إليك، وألجأت ظهري إليك، رغبة ورهبة إليك، لا ملجأ ولا منجى منك إلا إليك، آمنت بكتابك الذي أنزلت وبنبيك الذي أرسلت، فإن مت مت على الفطرة)([21]).
قلت: وهناك أذكار كثيرة، وللمسلم أن يدعو بما شاء من خيري الدنيا والآخرة.
دعاء دخول المسجد والخروج منه:
كان رسول الله ﷺ يدعو إذا خرج من بيته إلى المسجد، ويقول: (بسم الله، توكلت على الله، اللهم إني أعوذ بك أن أَضل أو أُضل، أو أزل أو أُزل، أو أَظلِم أو أُظلَم، أو أَجهل أو يجهل علي)([22]). وكان يقول أحيانًا: (اللهم اجعل في قلبي نورًا، واجعل في سمعي نورًا، واجعل في بصري نورًا، واجعل من خلفي نورًا، ومن أمامي نورًا، واجعل من فوقي نورًا، واجعل من تحتي نورًا، اللهم أعظم لي نورًا)([23]). وقال -عليه الصلاة والسلام-: (ما خرج رجل من بيته إلى الصلاة فقال: اللهم إني أسألك بحق السائلين عليك، وبحق ممشاي هذا إليك، فإني لم أخرج بطرًا ولا أشرًا ولا رياءً ولا سمعة، وإنما خرجت اتقاء سخطك وابتغاء مرضاتك، أسألك أن تنقذني من النار، وأن تغفر لي ذنوبي، فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت، إلا وكل به سبعين ألف ملك يستغفرون له، وأقبل الله عليه بوجهه، حتى يقضي صلاته)([24]).
وكان -عليه الصلاة والسلام- إذا دخل المسجد قال: (أعوذ بالله العظيم وبوجهه الكريم، وسلطانه القديم من الشيطان الرجيم)([25]). وكان يقول: (إذا دخل أحدكم المسجد فليصل ويسلم على النبي ﷺ وليقل اللهم افتح لي أبواب رحمتك، وإذا خرج فليقل اللهم إني أسألك من فضلك)([26]).
([1]) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب ما يقول في ركوعه وسجوده، سنن أبي داود، ج1 ص230، برقم (871)، صححه الألباني في إرواء الغليل، (٣٣٣).
([2]) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب الدعاء في صلاة الليل وقيامه، بدون زيادة (وما استقلت به قدمي لله رب العالمين) صحيح مسلم مع شرحه إكمال إكمال المعلم، ج3 ص108-110، برقم (771)، وأخرجه الألباني كاملاً في صفة صلاة النبي ﷺ ص133، وقال: )أخرجه مسلم وأبو عوانة والطحاوي والدارقطني(، ومعنى )وما استقلت به قدمي(: أي ما حملته.
([3]) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب ما يقال في الركوع والسجود، صحيح مسلم مع شرحه إكمال إكمال المعلم، ج2 ص378، برقم (487).
([4]) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب ما يقال في الركوع والسجود، صحيح مسلم مع شرحه إكمال إكمال المعلم، ج2 ص374، برقم (484).
([5]) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب إيجاب التكبير وافتتاح الصلاة، فتح الباري، ج2 ص253، برقم (732)، وأخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب التسميع والتحميد والتأمين، صحيح مسلم مع شرحه إكمال إكمال المعلم، ج2 ص292-293، برقم (409).
([6]) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب حدثنا معاذ بن فضالة، فتح الباري، ج2 ص332، برقم (799).
([7]) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب ما يقول إذا رفع رأسه من الركوع، صحيح مسلم مع شرحه إكمال إكمال المعلم، ج2 ص366، برقم (476).
([8]) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب ما يقول إذا رفع رأسه من الركوع، صحيح مسلم مع شرحه إكمال إكمال المعلم، ج2 ص367-368، برقم (477).
([9]) انظر: الإنصاف للمرداوي، ج2 ص60-61.
([10]) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب ما يقول الرجل في ركوعه وسجوده، سنن أبي داود، ج1 ص231، برقم (874)، صححه الألباني في إرواء الغليل، (٣٣٣).
([11]) أخرجه مسلم في كتاب الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار، باب التعوذ من شر ما عمل، ومن شر مالم يعمل، صحيح مسلم مع شرحه إكمال إكمال المعلم، ج9 ص125-126، برقم (2722).
([12]) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب في الدعاء في الركوع والسجود، سنن أبي داود، ج1 ص232، برقم (879)، قال شعيب الأرنؤوط، تخريج صحيح ابن حبان، (١٩٣٣): إسناده صحيح على شرط مسلم.
([13]) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب ما يقال في الركوع والسجود، صحيح مسلم مع شرحه إكمال إكمال المعلم، ج2 ص373-374، برقم (483)، وأخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب الدعاء في الركوع والسجود، سنن أبي داود، ج1 ص232، برقم (878).
([14]) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب ما يتخير من الدعاء بعد التشهد، وليس بواجب، فتح الباري، ج2 ص373، برقم (835).
([15]) أخرجه البخاري، (٢٣٩٧)، أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب الدعاء في الصلاة، سنن أبي داود، ج1 ص233، برقم (880).
([16]) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب الدعاء قبل السلام، فتح الباري، ج2 ص370، برقم (834).
([17]) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب استحباب الذكر بعد الصلاة، وبيان صفته، صحيح مسلم مع شرحه إكمال إكمال المعلم، ج2 ص514، برقم (591).
([18]) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب استحباب الذكر بعد الصلاة، وبيان صفته، صحيح مسلم مع شرحه إكمال إكمال المعلم، ج2 ص517، برقم (594).
([19]) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب استحباب الذكر بعد الصلاة، وبيان صفته، صحيح مسلم مع شرحه إكمال إكمال المعلم، ج2 ص523، برقم (597).
([20]) أخرجه البخاري في كتاب الدعوات، باب ما يقول إذا نام، فتح الباري، ج11 ص117، برقم (6312).
([21]) أخرجه البخاري في كتاب الدعوات، باب ما يقول إذا نام، فتح الباري، ج11 ص117، برقم (6313).
([22]) أخرجه النسائي في عمل اليوم والليلة، باب ما يقول إذا خرج من بيته، ص44، برقم (85)، صححه النووي في رياض الصالحين، (٧٣).
([23]) أخرجه ابن خزيمة في كتاب الصلاة، باب الدعاء عند الخروج إلى الصلاة، صحيح ابن خزيمة ج1 ص229، صححه الألباني في صحيح النسائي، (١١٢٠).
([24]) أخرجه ابن ماجة في كتاب المساجد، باب المشي إلى الصلاة، سنن ابن ماجة، ج1 ص256، برقم (778)، ضعفه الألباني في ضعيف الجامع، (٥٥٧١).
([25]) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب ما يقوله الرجل عند دخوله المسجد، سنن أبي داود، ج1 ص227، برقم (466)، صححه الألباني في صحيح أبي داود، (٤٦٦).
([26]) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب ما يقول إذا دخل المسجد، صحيح مسلم مع شرحه إكمال إكمال المعلم، ج3 ص35-37، برقم (713).