سؤال من الأخ ف.ي من الجزائر، يقول فيه : الأم لديها ولد معاق حركيًّا وذهنيًّا، يبلغ من العمر ست وعشرون سنة، تخدمه بكل ما أوتيت من القوة. و تقول إنها تشعر بتأنيب الضمير الذي يعذبها اتجاه هذا الابن المعاق، تشعر أنها مقصرة في خدمته. يا فضيلة الشيخ، هي تسأل ماذا تفعل لكي يطمئن ضميرها؟

خدمة المعاق وما يجب فيها

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبيه ورسوله الأمين محمد، و آله وصحابته الميامين، أما بعد :

فإن الله -عز وجل- يبتلي من يشاء من عباده؛ ليعلم – وهو العليم بما كان وما سيكون لو كان كيف يكون- مدى صبرهم وقوتهم على الابتلاء، فيكون لهم بذلك عظيم الأجر، الذي وعدهم به في قوله -عز ذكره -: (إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ)(الزمر:10)، وقوله: (وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ)(محمد:31).

فصبر الوالدين على ما يبتلى به بعض أولادهم من الإعاقة -كما هو الحال في السؤال- يعد خيرًا لهم  إذا قاموا بما يجب عليهم نحوهم من نفقة وغيرها، والأصل فيه قول الله -عز وجل-: (وَمَا أَنفَقْتُم مِّن شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ)(سبأ:39)، وقول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ” دينارٌ أنفقْتَهُ في سبيلِ اللهِ ، ودينارٌ أنفقتَهُ في رقَبَةٍ ، و دينارٌ تصدقْتَ بِهِ على مسكينٍ ، ودينارٌ أنفقتَهُ على أهلِكَ ، أعظمُها أجرًا الذي أنفقْتَهُ على أهلِكَ”([1])، وقوله -عليه الصلاة والسلام-: ” أَفْضَلُ دِينارٍ يُنْفِقُهُ الرَّجُلُ، دِينارٌ يُنْفِقُهُ علَى عِيالِهِ”([2])، والأحاديث في هذا كثيرة ، والأخت في السؤال قد تشعر أنها مقصرة في خدمة ولدها وهي ليست كذلك، ولكن عاطفة الأمومة ووضع المعاق يجعلها تشعر هذا الشعور، ولتطمئن أنه كلما يزداد صبرها عليه يزداد أجرها، ومع ذلك إذا كانت لا تملك القدرة على خدمته والقيام عليه؛ لأسباب كثيرة فعليها في هذه الحال أن تعهد به إلى دار من دور الرعاية  الاجتماعية،  كما يجري في عدد من البلدان ممن يتعرضون لهذه الإعاقة .

ونسأل الله أن يعينها ويجعل لها من أمرها يسرًا ولا يجعله عسرًا، إنه ولي ذلك والقادر عليه.

 

[1] أخرجه مسلم، رقمه (995).

[2] أخرجه مسلم، رقمه(994).