الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد:
فإن من قواعد الإسلام وأحكامه ألا يضر أحد بأخيه دون حق، والحكمة في هذا واضحة وهي أن الحياة لا تقوم إلا على العدل بين الناس، ومن هذا العدل ألا يظلم المسلم أخاه أو يبخسه حقه، أو يحتال عليه أو يستغله بأي صورة من صور الاستغلال، والأحكام في هذا كثيرة منها قول الله -عز وجل- {وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُم بَيْنَكُم بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقًا مِّنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْإِثْمِ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ} [البقرة: ١٨٨]، ومنها قوله -عز ذكره-: {وَلَا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ} [الشعراء ١٨٣]، فدل هذا على أن أكل العبد مال أخيه أو بخسه حقه مما حرمه الله، ومن هذه الأحكام قول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ( لا يَحِلُّ مالُ امرئ مُسلمٍ إلَّا بِطِيبِ نفسٍ مِنهُ)([1])، هذه بإيجاز أحكام الإسلام في علاقة التعامل بين المسلم وأخيه، هذا في العموم.
أما في المسألة، فإن أحد أبناء صاحب الأرض بنى فيها، ربما بأمر أبيه أو بالاتفاق بينهما، وقد أنفق على هذا البناء من ماله، وكان هذا الأمر محل الرضا حال حياة الأب، وبعد وفاته أراد الورثة بيع الأرض؛ لتعلق حقهم بها بحكم الإرث، والواجب ألا يضار صاحب البناء، فالمفترض أن البناء تم بموافقة صاحبها وهو الأب، فالواجب ألا يضار صاحب البناء، طالما أنه لم يغتصب الأرض أو يتعدى لهذا، فالورثة وأخوهم صاحب البناء بين خيارين: إما أن يشتري الأرض منهم بقيمة المثل، فيختص بها أو يعرض عن البناء حسب حاله وتكون لهم جميعًا الأرض وما عليها، ثم يتصرفون فيها كما يشاؤون، فإن كان هناك ملابسات غير ما ذكر، فالمرجع في ذلك الحاكم الشرعي.
والله – تعالى- أعلم.
[1] -رواه أبو يعلى في مسنده ج3 ص 98، وصححه الألباني في صحيح الجامع (7662).